تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وجه الدلالة من الآية: أن معنى {آخران}: من غير المسلمين من أهل الكتاب، وإذا جازت على المسلمين جازت على الكافر بطريق الأولى، فتصير شهادته عليه جائزة في كل شيء.

ثم نسخت شهادتهم على المسلمين في الوصية في السفر، وبقي جواز شهادتهم على من كان مثلهم غير منسوخ.

وأما دليلهم من السنة وما جاء عن السلف فما يلي:

1 - ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أن اليهود جاءوا إليه برجل منهم وامرأة زنيا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: ائتوني بأربعة منكم يشهدون، قالوا: وكيف؟ الحديث ..

وجه الدلالة من الحديث: أن النبي اعتبر شهادتهم على الفعل وحكم بناء عليها فدل على أن شهادتهم على بعضهم مقبولة، ويؤيده: الرواية الأخرى عن مجالد: [فدعا بالشهود فشهدوا].

2 - ما رواه مجالد عن عامر عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض].

وجه الدلالة: أن الحديث نص في موضع النزاع، فلو كانت شهادتهم على بعضهم غير مقبولة، لم يجزها صلى الله عليه وسلم.

وذكر الإمام السرخسي: عن يحي بن أكثم أنه قال: تتبعت أقاويل السلف فلم أجد أحداً منهم لم يُجوز شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض إلا أني رأيت لربيعة فيه قولين.

وأما دليلهم من العقل فما يلي:

1 - أن الكافر من أهل الولاية على نفسه وأولاده الصغار فيكون من أهل الشهادة على جنسه.

2 - أن الكفار يتعاملون فيما بينهم بأنواع المعاملات من المداينات وعقود المعاوضات وغيرها، وتقع بينهم الجنايات، ولا يحضرهم غالباً مسلم، فلو لم تقبل شهادتهم عند ترافعهم وتحاكمهم إلينا، لأدى ذلك إلى تظالمهم وضياع حقوقهم.

3 - العداوة منعدمة فيما بينهم فيكون بعضهم أهلاً للشهادة في حق البعض.

المطلب الثاني: أدلة القول الثاني: (الجمهور):

استدلوا بدليل الكتاب والسنة والعقل.

أما دليل الكتاب فما يلي:

1 - قوله تعالى: {واستشهدوا شهيدين من رجالكم .... }.

وجه الدلالة: أن الآية دلت على عدم جواز استشهاد الكافر كما تقدم، ودلالتها شاملة لأي كافر لا فرق بين أن تكون شهادته على مثله، أو على غيره.

2 - قوله تعالى: {فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة}.

وجه الدلالة من الآية:

أن العداوة باقية إلى يوم القيامة بينهم، وجاء في الحديث أنه لا تقبل شهادة العدو على عدوه.

وأما دليل السنة فما يلي:

1 - قوله صلى الله عليه وسلم: [لا تجوز شهادة ذي الظنة ولا ذي الحنة].

وجه الدلالة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بعدم جواز شهادة العدو على عدوه والعداوة بينهم إلى يوم القيامة.

2 - قوله صلى الله عليه وسلم: [لا تقبل شهادة أهل دين على غير أهل دينهم إلا المسلمون، فإنهم عدول عليهم وعلى غيرهم].

وجه الدلالة: نص صريح في عدم قبول شهادة أهل الأديان الأخرى بعضهم على بعض.

وأما دليل العقل فما يلي:

1 - أن من لا تُقبل شهادته على المسلم لا تُقبل على غيره كالعبد والفاسق الملي، ولأنه فاسق بفعله كالملي، ولأن فسق المسلم أدون منه، وشهادته غير مقبولة فشهادة الكافر أولى.

2 - لأنه نقص مؤثر في الشهادة كالرق.

3 - لأن من عُرف بالكذب وأكل السحت لا تقبل شهادته، وقد أخبر الله تعالى أن الكفار يفعلون ذلك قال الله تعالى: {سماعون للكذب أكالون للسحت} فلم تقبل شهادتهم.

4 - لا تجوز شهادته على أهل ملته، كما لا تجوز شهادته على غير أهل ملته، بجامع الكفر في كل.

المبحث الرابع: (المناقشة):

أجاب أصحاب القول الثاني وهم الجمهور على الحنفية بما يلي:

1 - حديث مجالد ضعيف، وإن ثبت فيحتمل أنه أراد اليمين فإنها تسمى شهادة قال الله تعالى: {فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين}.

2 - وأما الولاية فمتعلقها القرابة والشفقة، وقرابتهم ثابتة، وشفقتهم كشفقة المسلمين، وجازت لموضع الحاجة، فإن غير أهل دينهم لا يلي عليهم، والحاكم يتعذر عليه ذلك لكثرتهم، بخلاف الشهادة فإنها ممكنة من المسلمين.

المبحث الخامس: (الترجيح):

الذي يترجح في نظري والعلم عند الله هو القول بعدم قبول شهادة الكتابي على مثله، وذلك لما يلي:

أولاً: لصحة دلالة النقل والعقل على ذلك.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير