ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[29 - 08 - 07, 01:58 م]ـ
[الحديث الثالث]
03 - وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا, وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا, فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِمُسْلِمٍ: ((فَإِنْ أُغْمِيَ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ ثَلاثِينَ)).
وَلِلْبُخَارِيِّ: ((فَأَكْمِلُوا اَلْعِدَّةَ ثَلاثِينَ)).
وَلَهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: ((فَأَكْمِلُوا عِدَّةَ شَعْبَانَ ثَلاثِينَ)).
[الفوائد]
الحديث فيه فوائد كثيرة.
1 - قوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) يستفاد منها أنه لا يجب الصوم قبل رؤيته؛ لقوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ)، ثم ما المراد بالرؤية هل الرؤية قبل الغروب أو بعد الغروب؟
مسألة: من المعلوم أن القمر آية ليلية، فيكون المعنى إذا رأيناه في الليل الذي هو سلطانه، كما قال تعالى?: ?وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً? [الإسراء:12]، فإذا رُئي بعد الغروب ثبت الحكم.
أما إذا رئي قبل الغروب:
• فقال بعض العلماء: إنه يكون للليلة الماضية.
• وبعضهم يقول: يكون للليلة المقبلة.
ولاشك أن هـ?ذا فيه نظر:
لأنه إذا رُئي قبل الغروب متقدما على الشمس فإنه لا يمكن أن يكون للليلة الماضية.
وإذا رُئي متأخرا عن الشمس، فإذا كان التأخر بعيدا فإنه يكون للليلة المقبلة، ومع ذلك لا نحكم به؛ قد يكون عند الغروب غيم أو قتر فلا نراه فنكمل العدة ثلاثين؛ لكنه في الغالب لا يخفى.
المهم أن الرؤية متى؟ إذا كانت بعد الغروب لأنه -أي الليل- هو سلطان القمر.
وقوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) يستفاد منه أنه لابد من تحقق الرؤية، (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ)، أما لو شككنا في ذلك فإنه لا يجب الصوم؛ بل من صام فقد عصى أبا القاسم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ويدل على أن المراد بالرؤية الرؤية العينية المتيقنة قوله تعالى? في سورة البقرة: ?فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ? [البقرة:185].
2 - ومن فوائد الحديث أن الإنسان إذا رآه ولم يره غيره ثبت الحكم في حقه، فإن كان في رمضان يعني رأى هلال رمضان وغيره لم يره، والحاكم ردّ شهادته لجهله بحاله مثلا فإنه يصوم. ()
وإن كان في شوال:
فقيل: إنه لا يفطر؛ لأن الشهر -شهر شوال- شرعا لا يدخل إلا بشهادة رجلين.
وقيل: بل يفطر.
إذا رأى الإنسان شوال وحده، فقيل: إنه لا يفطر لأن شوال لا يثبت إلا بشهادة رجلين وهو رجل واحد فدخول الشهر إذن لم يثبت، فلا يجوز الفطر.
وقال بعض العلماء: بل يجب عليه الفطر؛ لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: (وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا) وهـ?ذا قد رآه، لكن يفطر سرا لئلا يجاهر بمخالفة الجماعة.
فصار لدينا قولان إذا رأى وحده هلال شوال:
القول الأول: أنه لا يفطر لأن شوالا لا يثبت دخوله إلا بشهادة رجلين، واستدلوا أيضا بحديث ((الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس والأضحى يوم يضحي الناس)). ()
والقول الثاني: أنه يفطر لأنه رآه، وقد قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا, وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا)؛ ولكنه يفطر سرا لئلا يجاهر بمخالفة الجماعة. وهـ?ذا القول الأقرب من حيث اللفظ (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ)، فإنّ هـ?ذا رآه.
أما إذا كان الإنسان منفردا في مكان وليس حوله أحد يخالفه، فإنه يفطر لأنه حينئذ لا يتيقّن مخالفة الجماعة، مثل لو كان بدويا في محلٍّ في البر، ليس حوله مدن ولا قرى ورأى هلال شوال، فإنه لا يمكن أن نقول: صم؛ لأنه ثبت دخول الشهر في حقه، وهو إذا أفطر لا يكون مخالفا للجماعة، هكذا قال أهل العلم، ومعلوم أن هـ?ذا في وقتهم أمر واقع وكثير؛ لكن في وقتنا الآن حيث انتشرت وسائل الإعلام قد يقال: إنه لا يفطر حتى ينظر في إفطار الناس على القول بأنه لا يفطر إذا انفرد برؤيته، أما إذا قلنا: إنه يفطر الأمر واضح.
¥