تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مسألة: وظاهر الحديث (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) يشمل ما إذا رأيناه بالعين المجردة أو بواسطة الآلات؟ هو عام، (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) فمتى رأيناه سواء بالعين المجردة أو بالمنظار المكبِّر فإنه تثبت رؤيته، وقد كان الناس قديما نعهدهم أنهم يصعدون على المناير ومعهم مكبر النظر أو مقرب النظر المهم أنهم كانوا يستعملونها، وإذا رأوه بواسطة هـ?ذه المنظارات فإنه يحكم برؤيته والحديث عام.

ومعلوم أنه حتى ولو قال: إذا رأيتموه بأعينكم. ما يمنع أن يكون رآه بواسطة أو مباشرة.

مسألة: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) فهل المراد إذا رآه كل واحد؟ لو كان كذلك لكان الذي نظره قاصر لا يجب عليه الصوم؛ لأنه يقول: ما رأيته أنا؛ ولكن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لا يريد هـ?ذا؛ ولكن (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) الرؤية التي يثبت بها دخوله شرعا، وهو أن يكون الرائي رجلين فأكثر، لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((وإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا))، ويأتي إن شاء الله الخلاف فيما إذا رآه واحد.

3 - ويستفاد من قوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) أنه إذا رئي في بلد واحد لزم الناس كلهم الصوم؛ لأننا ما دمنا نقول: إنه لا يشترط أن يراه كل واحد، فإنه يستفاد منه -وهـ?ذه متفرعة على التي قبلها- أنه إذا رآه واحد أو إذا ثبتت رؤيته بمكان لزم الصوم جميع الناس، وهـ?ذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله وهو قول كثير من أهل العلم.

ولكن عارضهم شيخ الإسلام ابن تيمية [1] وجماعة وقال: إن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ قال: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ)، والجماعة البعيدون عن مطلع الهلال في هـ?ذا المكان لم يروه لا حقيقة ولا حكما، وقول الرسول: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) كقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((إذا أقبل الليل من ه?هنا وأدبر النهار ه?هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم))، فهل أنتم تقولون إذا غربت الشمس عند قوم جاز للآخرين أن يفطروا ولو كانت الشمس لم تغِب؟ الجواب: لا، ولم يقل بذلك أحد.

إذا رأيناه في مكان ولم ير في مكان آخر بعد التحري والبحث فإنه لا يلزم من لم يره؛ لأن هـ?ذا ((إذا أقبل الليل من ه?هنا)) توقيت يومي، (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) توقيت شهري، ولا فرق بينهما، فالشهر عند من لم يروه لم يدخل، والله عز وجل يقول: ?فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ? [البقرة:185]، وهؤلاء الذين يخالفون من رأوه في المطالع ما شهدوه. وعلى هـ?ذا فلا يلزمهم الصوم، ودلالة الحديث هـ?ذا على قولهم ودلالة الآية أيضا واضحة.

واستدلوا أيضا بحديث رواه مسلم عن كريب أن أم الفضل أرسلته في حاجة إلى? معاوية -ومعاوية في الشام- فرأوا الهلال في الشام فصاموا، وكان ممن رآه كريب رأوه ليلة الجمعة، ثم إن كريبا قضى حاجته من الشام ورجع إلى? المدينة، والتقى بابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما فسأله ابن عباس: متى صام معاوية؟ قال: صام يوم الجمعة. قال: هل رأى الهلال؟ قال: نعم وأنا رأيته أيضا. قال: إنا لم نصم إلا يوم السبت. فقال له: أتشك في رؤية معاوية؟ قال: لا، هكذا أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وهـ?ذا نص صريح من ابن عباس رَضِيَ اللهُ عَنْهُما تفقُّها واستنباطا، استنباطا من قوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) وهـ?ذا دليل واضح في الموضوع.

والقياس على التوقيت اليومي دليل واضح.

والخطاب في ?فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ? [البقرة:185]، و (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ) أيضا دليل واضح.

ولهذا كان الصواب ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أنه إن اتفقت المطالع لزم الصوم والفطر وإلا فلا.

وهـ?ذا أحد القولين فعندنا الآن قولان:

القول الأول: إذا ثبتت رؤيته في مكان ثبت ذلك في حق جميع الناس في أي مكان كان.

الثاني: إذا ثبتت رؤيته في مكان لزمهم حكم تلك الرؤية من فطر أو صوم ولزم من يشاركهم في مطالع الهلال دون من لم يشاركهم، وهـ?ذا أقرب إلى? الصواب إن لم يكن هو المتعيِّن.

القول الثالث: أنه إذا كانت المسافة بين البلدين مسافة قصر فإنه لا يلزم البلد الآخر، قالوا: لأن ما دون المسافة في حكم الحاضر وما وراءها في حكم المسافر، فإذا كان بين البلدين أقل من المسافة لزم البلد الثاني الصوم إذا رآه البلد الآخر، وإن كان بينهما مسافة قصر فلا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير