تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقول الرابع: أنّ الصوم والفطر تبع للعمل -أي عمل ولي الأمر- فإذا كانت هـ?ذه المنطقة تبعا لأمير معيّن فلها حكمٌ واحد، وعلّلوا ذلك بأن لا يحصل الاختلاف بين من كانوا تحت إمرة واحدة.

فهـ?ذه أربعة.

والقول الخامس: أنه إذا كانت منطقة كبيرة ليست بلدا، فإنهم إذا كانوا في قطر واحد لزمهم الصّوم، وإن لم يكونوا في قطر واحد فلكل قطر حكمه.

على كل حال كل ما سوى القولين الأولين فهي أقوال ليست بتلك القوة، إلا أن يقال: إنهم إذا كانوا تحت إمرة واحدة فإنه يلزم الصوم أو الفطر لحديث ((الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس)).

فتكون الأقوال الرئيسية التي يمكن أن نعتبرها ثلاثة أقوال:

القول الأول: لزوم الصوم على جميع الناس.

والثاني: لزوم الصوم على من وافقهم في المطالع.

والثالث: لزوم الصوم إذا كان تحت إمرة واحدة لحديث ((الصوم يوم يصوم الناس والفطر يوم يفطر الناس)).

ما هو عمل الناس اليوم؟ الغالب على الناس اليوم على الأخير، ولهذا تجد قريتين على الحدود بينهما أمتار قليلة قرية صامت وقرية لم تصم، وقرية أفطرت في العيد وقرية لم تفطر؛ لأن هـ?ذه تحت ولاية وهـ?ذه تحت ولاية. بل نجد أنه أحيانا إذا حسُنت العلاقات بين الدولتين اتفقتا، وإذا ساءت لم تتفقا، فيجعلون الحكم تبعا للسياسة:

إن حسنت العلاقات قالوا: والله هـ?ذه البلد أهلها ثقات ويجب أن نعمل برؤيتهم أصدروا الفتوى بالفطر أو بالصوم.

وإن ساءت كلٌّ له رؤيته ولا يمكن أن نتبعهم.

وهـ?ذا شيء شاهدناه بأنفسنا نحن؛ يعني علمنا به مباشرة بدون نقل.

على كل حال القول الصحيح عندي هو ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه مؤيد بظاهر القرآن والسنة وبما روي عن الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم.

4 - من فوائد الحديث أن هـ?ذه الشريعة والحمد لله لم تدع مجالا للقلق والاضطراب، كيف ذلك؟ لقوله: (فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ) أو (فَأَكْمِلُوا اَلْعِدَّةَ ثَلاثِينَ) فإن هـ?ذا مما يريح الإنسان؛ يعني لا تكن قلقا، ربما أنه هلّ ولكنه تحت السحاب، ربما أنه هلّ ولكنه وراء الجبل، ربما هلّ ولكنه حجبه القتر، أبدا لا تقلق إذا لم تر الهلال لكونه غم عليك فأكمل العدة ثلاثين بدون قلق.

مسألة: وهكذا ينبغي للإنسان أن لا يجعل في نفسه قلقا من الأحكام الشرعية، حتى في مسائل الفتاوى لا ينبغي لك أن تضع المستفتي في قلقل وحيرة، فتقول: يمكن كذا، يمكن كذا، يحتمل كذا، يحتمل كذا، إما أن يكون عندك علم يقيني أو ظني؛ لأن الصحيح أنه يجوز الحكم بغلبة الظن عند تعارض الأدلة وتجزم بالفتوى، وإلا فدعها، أما أن تبقى في حيرة وتوقع غيرك أيضا في حيرة فهـ?ذا لا ينبغي.

5 - ومن فوائد الحديث البناء على الأصل؛ يعني اعتبار البناء على الأصل، يؤخذ من قوله: (فَاقْدُرُوا لَهُ) أو (فَأَكْمِلُوا اَلْعِدَّةَ ثَلاثِينَ)؛ لأن الأصل البقاء -بقاء الشهر- فإن اليوم هو الثلاثين من الشهر حتى نتيقن أنه دخل الشهر الثاني، وهـ?ذا جزء أو فرد من أفراد عظيمة دلت عليها أحاديث كثيرة وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان حتى يتبين زواله.

وقوله: (إِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا, وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا) إذا قال قائل: (رَأَيْتُمُوهُ) الميم علامة الجمع، ولابد من أن يكون الرائي جماعة أكثر من واحد، لو قال قائل هكذا، قلنا: نأتي إلى? الحديث الذي بعده حديث ابن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما:


[1] الظاهر أن قول شيخ الإسلام خلاف ذلك (مجموعة الفتاوى 25/ 63 - 64)، قال: فالصواب في ه?ذا - واللّه أعلم - ما دل عليه قوله: ((صومكم يوم تصومون، وفطركم يوم تفطرون، وأضحاكم يوم تضحون))، فإذا شهد شاهد ليلة الثلاثين من شعبان أنه رآه بمكان من الأمكنة قريب أو بعيد؛ وجب الصوم.
وكذلك إذا شهد بالرؤية نهار تلك الليلة إلى الغروب؛ فعليهم إمساك ما بقي، سواء كان من إقليم أو إقليمين.
والاعتبار ببلوغ العلم بالرؤية في وقت يفيد، فأما إذا بلغتهم الرؤية بعد غروب الشمس، فالمستقبل يجب صومه بكل حال، لكن اليوم الماضي: هل يجب قضاؤه؟ فإنه قد يبلغهم في أثناء الشهر أنه رؤي بإقليم آخر، ولم ير قريباً منهم، الأشبه أنه إن رئي بمكان قريب، وهو ما يمكن أن يبلغهم خبره في اليوم الأول، فهو كما لو رئي في بلدهم ولم يبلغهم.
وأما إذا رئي بمكان لا يمكن وصول خبره إليهم إلا بعد مضي الأول، فلا قضاء عليهم. ا هـ
إلى? أن قال رحمه الله: فالضابط أن مدار هذا الأمر على البلوغ؛ لقوله: (صوموا لرؤيته)، فمن بلغه أنه رئي ثبت في حقه من غير تحديد بمسافة أصلاً. اهـ
وقال رحمه الله في (ص 66): فتلخص: أنه من بلغه رؤية الهلال في الوقت الذي يؤدى بتلك الرؤية الصوم أو الفطر أو النسك وجب اعتبار ذلك بلا شك، والنصوص وآثار السلف تدل على ذلك ومن حدد ذلك بمسافة قصر أو إقليم فقوله مخالف للعقل والشرع. اهـ
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير