تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[30 - 08 - 07, 09:36 م]ـ

[الحديث الرابع]

وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: تَرَاءَى اَلنَّاسُ اَلْهِلالَ, فَأَخْبَرْتُ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ, فَصَامَ, وَأَمَرَ اَلنَّاسَ بِصِيَامِهِ. رَوَاهُ أَبُو دَاوُودَ, وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَاِبْنُ حِبَّانَ.

[الفوائد]

1 - فيدل هـ?ذا على أن ترائي الهلال في الليلة التي يُتحرى فيها من عمل الصحابة الذي أقرهم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيكون من السنة الإقرارية؛ لأن النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ أقرّهم.

2 - ويستفاد من هـ?ذا الحديث أيضا أنه لا يعمل إلا برؤية من يوثق بنظره؛ بل من يوثق بقوله لكونه أمينا بصيرا.

فلو جاء الأعمى إلى القاضي وقال: إني رأيت الهلال وهو ثقة مأمون عند الناس، ماذا نقول؟ نقول: هـ?ذا في الرؤيا يمكن، أما في اليقظة فلا يمكن أن تراه. وهـ?ذا مما يُخل بأمانته.

جاءنا رجل ليس بأعمى لكن ضعيف البصر، وقال: إني رأيت الهلال، يقينا أين اتجاهه؟ قال: اتجاهه إلى الجنوب الشرقي، صحيح هـ?ذا، يعني المنزلة الصحيحة؛ يعني القمر حسب النازلة أحيانا يكون اتجاهه إلى الجنوب وأحيانا إلى الشرق، وأحيانا يكون إلى الشرق الجنوبي، هل نأخذ بقوله؟ لا وإن كان ثقة لأنه ضعيف البصر.

ولهذا ذكر العلماء أن رجلا كبير السن كان مع الناس الذين يتراءون الهلال، وأبصارهم حديدة قوية، هم قالوا: لم نره. وهو أصر أنه رآه، وجاءوا عند القاضي، وقال: أنا أشهد أني رأيته. فقال: أذهب معك تريني إياه. قال: نعم، ذهبوا وقال: أنظر إليه، القاضي نظر ما رأى شيئا، وكان القاضي ذكيا، فمسح على حاجب عينه، ثم قال: أنظر. قال: الآن ما أرى شيئا، ليش؟ شعرة بيضاء يظن أنها هلالا، متقوسة كالهلال، فشهد أنه رأى الهلال. لكن متى يأتينا قاضٍ مثل هـ?ذا القاضي ذكي.

على كل الحال أقول: لابد أن يكون الرائي ممن يوثق بقوله لأمانته في النقل ولكون بصره حديدا يمكن أن يرى الهلال.

3 - ويستفاد من هـ?ذا الحديث أيضا أنه لا تشترط الشهادة في الإعلام بدخول الشهر، لقوله: (أَخْبَرْتُ النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنِّي رَأَيْتُهُ فَصَامَ, وَأَمَرَ اَلنَّاسَ بِصِيَامِهِ.)، فلو قال للقاضي: إني رأيت الهلال، لقد رأيت الهلال، ولم يقل: أشهد. وجب الحكم بشهادته، أو وجب الحكم بخبره.

وهل هـ?ذا خاص برؤية هلال رمضان أو عام في كل الشهادات؟ يعني هل يشترط في الشهادة سواء في المال أو في غير المال أن يقول للشاهد: أشهد. أو لا يشترط؛ بل يكفي أن يقول: إني أقول كذا، أو أخبر بكذا؟

الصحيح أنه لا تشترط الشهادة إلا ما دل الدليل على اشتراطها، كقوله تعالى?: ?فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ (6) ? [النور:06]، وإلا فإن الخبر يكفي عن الشهادة.

ولهذا قيل للإمام أحمد رحمه الله: فلان يقول: أقول: العشرة في الجنة ولا أشهد. فقال الإمام أحمد: إذا قال: إنهم في الجنة. فقد شهد. وهـ?ذا هو الحق، أن الشهادة لا يعتبر فيها لفظ (أشهد) بل إذا أخبر خبرا جازما به فإنه يعتبر شاهدا، ويدل عليه هـ?ذا الحديث.

4 - من فوائد هـ?ذا الحديث أيضا وجوب العمل برؤية الشاهد الواحد مع الجماعة، يؤخذ من أمر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الناس بالصيام، لأنه صام وأمر الناس بالصيام، وهـ?ذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم.

والمسألة فيها ثلاثة أقوال:

هـ?ذا القول.

والقول الثاني أنه لابد من شاهدين اثنين، أو شاهد مبرز للعدالة بحيث تكون شهادته مقام شهادة اثنين عند القاضي.

والقول الثالث إن كانت السماء غَيْمًا قُبلت شهادة الواحد، وإن كانت صحوا لم تقبل. هـ?ذا مذهب أبي حنيفة لأنه من أهل الرأي، يقولون: إن كانت السماء غَيْما قُبلت شهادة الواحد، وإن كانت صحوا لم تقبل، ليش؟ يقول: لأنه إذا كانت السماء صحوا ولم يره الناس دل على كذبه، فتكون شهادة هـ?ذا الواحد مخالفة للآخرين فلا تقبل، أما إذا كانت السماء غيما فيمكن أن يره بدون الناس لقوة بصره مثلا، أو لكونه مثلا دقيق الملاحظة بحيث انفتح الغيم لمدة وجيزة ورآه أو ما أشبه ذلك، فلهذا يفرق ه?ؤلاء بين أن تكون السماء صحوا وبين أن تكون غيما.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير