ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 07, 03:47 ص]ـ
[الحديث السادس]
وَعَنْ حَفْصَةَ أُمِّ اَلْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا, عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ اَلصِّيَامَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَمَالَ النَّسَائِيُّ وَاَلتِّرْمِذِيُّ إِلَى تَرْجِيحِ وَقْفِهِ, وَصَحَّحَهُ مَرْفُوعًا اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ.
وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ: ((لا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يَفْرِضْهُ مِنَ اَللَّيْلِ)).
[الفوائد]
من فوائد هـ?ذا الحديث:
1 - وجوب النية للصيام لقوله: (مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ اَلصِّيَامَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ فَلا صِيَامَ لَهُ) ويشهد لهذا ذلك الحديث العظيم الذي يعتبر ركنا عظيما من أركان الشريعة، وهو حديث عمر قول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)).
2 - أنه لابد أن تكون النية قبل طلوع الفجر لقوله: (مَنْ لَمْ يُبَيِّتِ اَلصِّيَامَ قَبْلَ اَلْفَجْرِ) ووجه ذلك لأجل أن تستوعب النية جميع النهار.
3 - ومن فوائده أيضا أن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، لكن من أين تؤخذ هـ?ذه الفائدة؟ لا يمكن استيعاب جميع النهار إلا بنية قبل الفجر، وإلا فالأصل أن ابتداء الإمساك من طلوع الفجر لا قبله؛ لأن الله عز وجل يقول: ?حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ? [البقرة:187]؛ لكن لما كان لا يتم استيعاب جميع النهار إلا بنية قبل الفجر صارت النية قبل الفجر واجبة، وهـ?ذا من باب ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
ونظير ذلك قولهم في الوضوء: إنه لا يمكن استيعاب غسل الوجه إلا بجزء من الرّأس؛ فلابد أن يتناول الماء شيئا ولو كالشعرة من الرّأس، وكذلك قالوا في مسح الرأس، المهم أنّه ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
مسألة: فإن قلت: هل يجوز أن أبتدئ النفل من أثناء النهار؟
فالجواب: إن كان النفل معيّنا فإنه لا يصح إلا من قبل طلوع الفجر، مثلا الأيام البيض، لابد أن يصومها الإنسان من أولها، وإلا صار صائما نصف يوم أو ربع يوم، حسب ما ينوي، وكذلك الأيام المعينة؛ كل معين لابد أن ينويه قبل الفجر.
أما النفل المطلق لا بأس كما سيأتي على خلافٍ في ذلك أيضا.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 07, 03:52 ص]ـ
[الحديث السابع]
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ. فَقَالَ: ((هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ?)) قُلْنَا: لا. قَالَ: ((فَإِنِّي إِذًا صَائِمٌ)). ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ, فَقُلْنَا: أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ, فَقَالَ: ((أَرِينِيهِ, فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا)) فَأَكَلَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
[الفوائد]
فيستفاد من هـ?ذا الحديث فوائد عديدة جدا.
1 - بساطة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في معاملة أهله، وأنه ليس ممن يتفقدون البيت، أوش أُخذ من السكر أو أُخذ من الشاي أو أخذ من الرز وما أشبه ذلك، يقول: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ) ما يعرف عن بيته شيئا؛ لأن البيت لربة البيت، ولهذا قال: (هَلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ).
2 - ومن فوائد الحديث أيضا أنه يجوز أن يخاطب الرجل الشريف الكريم بكلمة (لا) لقولها: (لا)، وهي زوجته وهو زوجها وأشرف الخلق عند الله، ومع ذلك تخاطبه بكلمة (لا).
وهـ?ذا له أمثال كثيرة، ومنها حديث جابر لما قال له النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((بعنيه)) قال: لا. () فلا بأس أن تقول لمن خاطبك وإن كان عظيما: لا.
أما قول بعض الناس: سلامتك. وما أشبه ذلك من الكلمات، فهـ?ذه من باب المجاملة، ولو أن الإنسان عدل إلى? كلمة (لا) لم يكن في ذلك بأس.
سألته ليش قال: رحت أطيّر الماء. مع أن العلماء يقولون: الأوْلى أن يقول: أبول ولا يقول أريق الماء. وكانوا في عهدهم يقولون: أريق الماء. ونحن نقول: نطير تطييرا. لكن هو يقول: الأوْلى أن نقول: أبول. هـ?ذه الكلمات التي لها معنى معروفا، من يستحي من البول؟ كل الناس يبولون.
إذن في هـ?ذا الحديث الذي معنا دليل على أنه يجوز أن يقول الإنسان: لا. للرجل العظيم وأن ذلك ليس من سوء الأدب.
¥