6 - ومن فوائد الحديث أيضا جواز إصدار الأوامر على من لا يستنكف من الأمر؛ يؤخذ من (أَرِينِيهِ)، وعليه فيكون النهي عن سؤال الناس لا يشمل مثل هـ?ذه الصورة؛ يعني النهي عن سؤال الناس لا يشمل من إذا سألته فرح بسؤالك إياه؛ بل قد يكون هـ?ذا من باب الأمر المطلوب والإحسان إليه، أما من إذا سألته استثقل السؤال ولم يعطك الشيء إلا حياء وخجلا، فهـ?ذا لا ينبغي لك أن تسأله، واقض أنت حاجتك بنفسك.
7 - ومن فوائد الحديث جواز قطع صوم النفل، يؤخذ من قولها: (فَأَكَلَ)؛ لكن أهل العلم يقولون: لا ينبغي قطعه إلا لحاجة أو مصلحة:
فالحاجة مثل أن يشقَّ عليه تكميل الصوم لعطش أو جوع أو نحو ذلك.
والمصلحة مثل أن يكون في قطع الصوم تطييب قلب صاحبه.
هـ?ذا الحديث على أي شيء يحمل: على المصلحة أو على الحاجة؟ يمكن أن يكون الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ كان محتاجا للأكل فأكل، ويمكن أن يكون غرضه بذلك تطييب قلب أهله؛ لأن قولهم: (أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ) كأنهم فرحوا به ويحبون أن يأكل منه النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فطلبه فأكل منه.
8 - وفيه أيضا جواز إخبار الإنسان عن عمله الصالح، وإن كان يمكنه أن يخفيه لقول الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا)، ومن الممكن أن يقول: هاتوا الحيس ويأكل بدون أن يعلموا؛ لكنه أخبرهم.
فهل نقول: إن مثل هـ?ذا مشروع فلو دعاك رجل وأنت صائم، تقول: والله أنا اليوم صائم.
أو نقول: إن هـ?ذا من باب الجائز؟
أو ينظر في ذلك إلى المصلحة؟
هـ?ذا الأخير؛ ينظر في هـ?ذا إلى? المصلحة، قد يكون من المصلحة أن تخبره، ما المصلحة في إخباره؟ لأجل أن يقتدي بك، لأن كثيرا من الناس يأخذ بفعل غيره، ويقتدي به.
قد يكون من المصلحة إخباره؛ لأنه لو تعذرت بدون ذكر السبب لكان في قلبه شيء، فإذا ذكرت السبب طابت نفسه.
قد يكون من المصلحة أن تخبره بأنك صائم؛ لأجل أن لا يعيد عليك السؤال أو العرض مرة ثانية؛ لأنه ربما يقابلك في أول النهار ويقول لك تفضل معنا للفطور، تقول: ما أشتهي ذلك، فإذا جاء الظهر عرض عليك الغداء، تقول: ما أشتهي ذلك، يأتي العصر يعرض عليك القهوة لكن إذا أعلمته من أول الأمر أنك صائم استراح واسترحت أنت.
على كل حال الأصل أن الإنسان يبقى على صومه إلا لمصلحة أو حاجة.
مسألة: وهل يقاس على ذلك جميع النوافل؛ يعني أنه يجوز للإنسان أن يقطع النفل؟
الجواب: نعم كل النوافل يجوز أن تقطعها؛ لكن لا ينبغي إلا لسبب حاجة أو مصلحة، إلا الحج والعمرة، قال بعض العلماء: وإلا الجهاد فإنك إذا شرعت فيه لا يجوز لك قطعه؛ ولكن الصحيح أنه كغيره من النوافل ما لم يلق العدو زحفا، فحينئذ لا يجوز الفرار. والحج والعمرة لا يجوز قطعها إلا لضرورة إما حصر أو شرط يشترطه الإنسان عند إحرامه أو ما أشبه ذلك.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 07, 09:06 م]ـ
[الحديث الثامن]
وَعَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا, أَنَّ رَسُولَ اَللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((لا يَزَالُ اَلنَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا اَلْفِطْرَ)) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
[الفوائد]
يستفاد من هـ?ذا الحديث فوائد:
1 - مشروعية الفطر؛ لأن ما رتِّب الفضل على صفة من صفاته، فهو كذلك مشروع لتعذر الوصف دون الأصل، دون الموصوف، فهنا رتِّب الخير على تعجيل الفطر، إذن الفطر مشروع.
2 - مشروعية تعجيل الفطر، ويكون إذا تحقق غروب الشمس بالاتفاق، لقول النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((إذا أقبل الليل من ه?هنا وأدبر النهار من ه?هنا وغربت الشمس)) فلا بد من تحققها أو غلب على ظنه غروب الشمس، إذا غلب على ظنه الغروب فإنه يفطر ويعجل الفطر.
مسألة: إذا غلب على ظنه عدم الغروب هل يعجل؟ لا.
إذا شك وتردد؟ لا يجوز.
إذا علم عدم الغروب؟ طبعا يحرم.
فيحرم في ثلاث مسائل ويشرع في مسألتين:
يحرم: إذا علم عدم الغروب، إذا شك في الغروب، إذا ترجح عنده عدم الغروب. هـ?ذه حرام عليه.
إذا علم عدم الغروب فهـ?ذا الأمر واضح، إذا ظن عدم الغروب فكذلك.
إذا شك فلماذا لا يجوز الفطر كما يجوز الأكل فيما إذا شك في طلوع الفجر؟ لأن هناك الأصل بقاء الليل، وهنا الأصل بقاء النهار، فلا يجوز مع الشك.
¥