يجوز إذا تيقن غروب الشمس بأن شاهدها غابت، وهـ?ذا واضح بدليل الكتاب والسنة ?ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ? [البقرة:187]، والرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقول: ((إذا أقبل الليل من ه?هنا وأدبر النهار من ه?هنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)).
إذا غلب على ظنه جاز أيضا، جاز أن يفطر، فيشرع أن يفطر ودليل ذلك حديث أسماء بنت أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قالت: أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثم طلعت الشمس. ووجه الدلالة من الحديث أنهم لو تيقنوا غروبها ما طلعت، فدلّ هـ?ذا على أنهم عملوا بغلبة الظن.
إذا كان الإنسان في حجرة ليس لها نوافذ، وغلب على ظنه أن الشمس غابت، نقول: إن كان هناك قرينة فإنه يعمل بها، فإذا غلب على ظنه أفطر وإن لم يكن قرينة ولكن تباطأ النهار فقط فإنه لا يفطر، السبب لأنه قد يشتد جوعه فيتباطأ النهار، فهـ?ذا لا يفطر. لكن إن كان عنده عادة مثلا لنفرض أنه من عادته إذا صلى العصر قرأ مثلا إلى? غروب الشمس خمسة أجزاء، وقرأها اليوم فله أن يفطر بغلبة الظن.
العمل بالساعات من غلبة الظن أو من اليقين؟ الساعة ممكن تتقدم وممكن تتأخر، لكن لاشك أنها مرجحة. وهل يحتاط الإنسان بالنسبة للساعة؟ نعم إذا كان يخشى أن فيها اختلافا فليحتط لنفسه.
3 - ومن فوائد الحديث ثواب تعجيل الفطر وهو أن يكون الإنسان مصاحبا للخير مقترنا به لقوله: (لا يَزَالُ اَلنَّاسُ بِخَيْرٍ).
4 - ومن فوائد الحديث تفاضل الأعمال، ووجه ذلك أنه رتب هـ?ذا الجزاء على تعجيل الفطر، ولولا أنه أفضل من تأخيره ما رتب الخير عليه، فيؤخذ منه تفاضل الأعمال، وقد سبق لنا أمس وجه التفاضل وأنه من ستة أوجه أو سبعة.
5 - ومن فوائد الحديث أن تأخير الفطور سبب لحصول الشر، من أين يؤخذ؟ بالمفهوم، المنطوق أن المعجل بخير، فالمفهوم أن غير المعجل بشر، ومنه نأخذ أن من يؤخر الفطور من أهل البدع فهم بشر؛ لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ يقول: (لا يَزَالُ اَلنَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا اَلْفِطْرَ)، والمراد بالخير هنا الخير الديني لا الخير الدنيوي، وهو ما يعود على القلب بالانشراح والنور.
6 - ومن فوائد هـ?ذا الحديث محبة الله عز وجل لمبادرة عباده لإتيان رخصه؛ لأن الله جعلهم في خير ما عجلوا الفطر فأثابهم على ذلك، وهـ?ذا يدل على محبته لهم سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ لأن الدلالة على الصفة تكون بالمطابقة أو بالتضمن أو بالالتزام، فإذا كان الله يثيبه على هـ?ذا فهو يحبه. وهـ?ذا في الحقيقة فرد من آلاف الأفراد المأخوذة من قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى في الحديث القدسي: ((إنّ رحمتي سبقت غضبي)) فكل ما فيه خير للعباد ورحمة وتيسير لهم فهو داخل في هـ?ذا الحديث القدسي؛ بل هو أيضا داخل فيما جاء به القرآن: ?يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ? [البقرة:185].
وهـ?ذا يؤخذ منه فائدة وهي كراهة التنطّع في الدِّين، لأنّ تعجيل الفطر ينافي التنطّع، والمتنطِّع يقول: ما أفطر حتى يؤذن مؤذن الحي الذي أنا فيه هذا متنطع، فيه بعض الجهلة يرى الشمس غابت بعينه ولكن ما سمع المؤذنين يقول: ما أفطر. ليش؟ يقول ما أذّن، والعبرة بغروب الشمس، تكون في مكان مرتفع وشاهدت الشمس غابت والناس ما بعد أذنوا فأفطر، ولا ينبغي لك أن تؤخر؛ لأنك إذا قدمت فأنت لا تزال بخير.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[31 - 08 - 07, 09:14 م]ـ
[الحديث التاسع]
وَلِلتِّرْمِذِيِّ: مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((قَالَ اَللَّهُ عز وجل: أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ أَعْجَلُهُمْ فِطْرًا)).
[الفوائد]
فيستفاد من هـ?ذا الحديث عدة فوائد:
1 - منها إثبات المحبة لله عز وجل، لقوله: (أَحَبُّ عِبَادِي إِلَيَّ)، وأن محبة الله تتفاوت، تؤخذ من اسم التفضيل (أَحَبُّ)، فالله تعالى? يحب هـ?ذا العمل أكثر من محبة العمل الآخر، وهـ?ذا العامل أكثر من محبة العامل الآخر.
مسألة: وفي هـ?ذا الحديث رد على أهل التعطيل الذين نفوا إثبات المحبة لله، والناس فيها طرفان ووسط:
طرف يقول: إن الله تعالى? لا يُحِب ولا يُحَب.
وطرف يقول: إن الله يُحَب ولا يُحِبُّ.
وطرف يقول: إن الله يُحِب ويُحَبُّ.
¥