4 - ومنها أن البركة الحسية الظاهرة، فإن الإنسان إذا كان مفطرا يأكل في اليوم مرتين أو ثلاثا، ويشرب كثيرا مرارا، وإذا صام وتسحر لا يأكل ولا مرة واحدة ولا يشرب ولا مرة واحدة، ولهـ?ذا يتعجب كيف أشرب ست أو سبع مرات في اليوم والآن لا أحتاج إلى? الماء وكذلك الأكل، وهـ?ذا من بركته.
5 - أن فيه إقتداءً برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يتسحر، ولاشك أن الفعل الذي تقتدي فيه برسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خير وبركة.
6 - ومن بركته أيضا أن فيه الفصل بيننا وبين صيام أهل الكتاب فإن كما في صحيح مسلم ((فصل ما بين صيامنا وبين صيام أهل الكتاب أكلة السحور))، وهـ?ذا لاشك أنه من بركاته.
فوائد الحديث
1 - ومن فوائد الحديث إثبات البركة في بعض الأطعمة لقوله: (فَإِنَّ فِي اَلسَّحُورِ بَرَكَةً)، وإذا كان في السّحور بركة وهو طعام.
مسألة: فقد يكون في الإنسان أيضا بركة؛ يكون الإنسان مباركا على من له اتصال به كما في حديث أسيد بن الحُضير رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في قصة ضياع عقد عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْها حتى انحبس الناس على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، قال أسيد: ما هـ?ذه بأول بركتكم يا آل أبا بكر.
وأما من أنكر أن يكون في الإنسان بركة، فهـ?ذا:
إن أراد بإنكاره إنكار أن يكون به بركة جسدية بمعني أن جسده مبارك فهـ?ذا حق؛ لأنه لا أحد يتبرك بجسده أو عرقه أو فضلاته إلا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه يتبرك بفضل وضوئه عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ وكذلك بريقه وعرقه وما أشبه ذلك، أما بوله وغائطه فالصحيح أنه نجس كغيره من البشر.
وإن أراد بنفي البركة نفي ما يحصل منه من خير وعلم ونفع مالي أو بدني، فهـ?ذا غير صحيح، فإن من الناس من يكون فيه بركة على جليسه إما بعلمه أو بخلقه أو بماله أو بنفعه.
بعلمه، ينشر علما في الحاضرين فيستفيد الناس منه، هـ?ذه بركة بلا شك، ولهذا وصف الله القرآن بأنه مبارك لما فيه من العلم والخير.
وإما أن يكون فيه بركة بمال مثل: صدقات، هدايا، هبات .. وما أشبه ذلك.
وإما أن يكون فيه بركة بنفعه مثل أن يخدمه ويساعده .. ما أشبه هـ?ذا.
وإما أن يكون فيه بركة بخلقه، يكون الرجل على خلق حسن فيتعلم مصاحبه منه الأخلاق، وكم من أناس تعلموا حسن الأخلاق بمصاحبة من هم على خلق، وهـ?ذا كثير، حتى إن الإنسان الذي عنده علم قد يصحب عاميا فيرى من حسن أخلاقه وبشاشته وطلاقة وجهه وكلامه اللين للناس، ما يأخذ منه أسوة.
كل هـ?ذا من البركات بلا شك.
والحاصل أن البركة تكون في المخلوقات، ولكن الذي جعلها فيها اللهُ عز وجل.
2 - ومن فوائد الحديث أيضا حسن تعليم الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لكونه يقرن الحكم بالعلة في قوله: (فَإِنَّ فِي اَلسَّحُورِ بَرَكَةً)، والعلة تختلف، قد تكون العلة مما يحث الإنسان على الفعل أو ينفّره من الفعل، ففي هـ?ذا الحديث الغرض من العلة الحث على الفعل، وفي قوله تعالى?: ?إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ? [الأنعام:145]، التنفير منه، ومثل إلقاء النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ الروث حين جاء بها عبد الله بن مسعود ليستنجي بها، فألقاها رسول الله وقال: ((إنها رجس)) للتنفير من ذلك.
مسألة: وقد ذكرنا فيما سبق أن لتعليل الحكم ثلاث فوائد:
الفائدة الأولى: ذكر العلة دليل على شمول الشريعة؛ لأنها تدل على أن الشريعة لا تأمر أو تنهى إلا لحكمة.
الثاني: القياس إذا وُجِدت العلة في الفرع المقيس.
الثالث: إمكان إلحاق غير المذكور به في الحكم إذا كان موافقا له في هـ?ذه العلة.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[02 - 09 - 07, 01:30 ص]ـ
[الحديث الحادي عشر]
وَعَنْ سُليمَانَ بْنِ عَامِرٍ اَلضَّبِّيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ((إِذَا أَفْطَرَ أَحَدُكُمْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى تَمْرٍ, فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيُفْطِرْ عَلَى مَاءٍ, فَإِنَّهُ طَهُورٌ)) رَوَاهُ اَلْخَمْسَةُ, وَصَحَّحَهُ اِبْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ.
[الفوائد]
¥