ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[17 - 09 - 07, 04:13 ص]ـ
[الحديث الثالث والعشرون]
وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: رُخِّصَ لِلشَّيْخِ اَلْكَبِيرِ أَنْ يُفْطِرَ, وَيُطْعِمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا, وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ. رَوَاهُ اَلدَّارَقُطْنِيُّ, وَالْحَاكِمُ, وَصَحَّحَاهُ.
[الفوائد]
الفوائد هي:
أولا أن الشيخ الكبير إذا لم يستطع الصوم سقط عنه ووجب عليه بدله وهو أن يطعم عن كل يوم مسكينا.
ثانيا يقاس عليه من يشبهه من ذوي الأعذار التي لا يرجى زوالها؛ لأن العلة واحدة، وهي العجز عن الصوم عجزا مستمرا، مثل أصحاب الضعف المنهك الذي لا يُرجى قوتهم فيما بعد، وكأصحاب داء السكري الذين يحتاجون إلى? الشرب دائما، وكذلك أصحاب أمراض الكلى الذين يحتاجون إلى? الشرب دائما، وكذلك من به مرض يحتاج إلى? تناول الدواء كل يوم كل ست ساعات مثلا، وكذلك أصحاب أمراض السرطان وشبهها مما لا يرجى زواله، فحكمهم كالشيخ الكبير.
ومن فوائد الحديث أنه يجب أن يطعم عن كل يوم مسكينا، لا أن يطعم طعام ثلاثين مسكينا، الواجب أن يطعم عن كل يوم مسكينا لا أن يطعم طعام ثلاثين مسكينا، والفرق بينهما واضح، وعلى هـ?ذا لابد أن يطعم بعدد الأيام.
فلو يقال: أنا سأخرج طعاما يكفي ثلاثين مسكينا لستة فقراء أطعمهم خمسة أيام، فالجواب: لا يجزي، لابد عن كل يوم مسكينا.
ومن فوائد الحديث أنه لا يجمع بين البدل والمبدل منه، لقوله: (وَلا قَضَاءَ عَلَيْهِ)، وقد يقول قائل: إن هذا ليس بفائدة؛ لأن هـ?ذا رجل لا يستطيع القضاء؛ بل يقال: بل له فائدة، وهو ما إذا شفي هـ?ذا الرجل من مرضه، أما الكبير فالكبير ما يزول كبره، لكن لو كان لمرض لا يرجى برؤه ثم شفاه الله، فإنه في هـ?ذه الحال لا يلزمه القضاء لأن ذمته برئت، ولم يبق مطالبا بشيء.
ـ[سالم الجزائري]ــــــــ[23 - 09 - 07, 02:14 م]ـ
[الحديث الرابع والعشرون]
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى اَلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: هَلَكْتُ يَا رَسُولَ اَللَّهِ. قَالَ: ((وَمَا أَهْلَكَكَ ?)) قَالَ: وَقَعْتُ عَلَى اِمْرَأَتِي فِي رَمَضَانَ، فَقَالَ: ((هَلْ تَجِدُ مَا تَعْتِقُ رَقَبَةً?)) قَالَ: لا. قَالَ: ((فَهَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تَصُومَ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ?)) قَالَ: لا. قَالَ: ((فَهَلْ تَجِدُ مَا تُطْعِمُ سِتِّينَ مِسْكِينًا?)) قَالَ: لا, ثُمَّ جَلَسَ, فَأُتِي اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ. فَقَالَ: ((تَصَدَّقْ بِهَذَا)) , فَقَالَ: أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا? فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا, فَضَحِكَ اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى بَدَتْ أَنْيَابُهُ، ثُمَّ قَالَ: ((اذْهَبْ فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ)) رَوَاهُ اَلسَّبْعَةُ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ.
[الفوائد]
ففي هذا الحديث فوائد كثيرة، حتى إن بعضهم جمع فيه ألف فائدة وفائدة:
أولا حسن خلق النّبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ودعوته إلى? شرع الله، وجه ذلك أنه لم يعنف هـ?ذا الرجل ولم يوبخه على ما صنع، مع أن الذي صنعه من كبائر الذنوب؛ لأنه انتهاك لحرمة رمضان، وفرضية الصوم؛ ولكن لم ينتهره النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ لماذا؟ لأن الرجل جاء تائبا، وفرق بين من يجيء تائبا يريد الخلاص، وبين إنسان غير مبالٍ بما يصنع من الذنوب.
ومن فوائد هـ?ذا الحديث أنه يجوز للرجل أن يخبر عن ذنبه عند الاستفتاء، ولا يقال: إن هـ?ذا من باب كشف ستر الله عز وجل. لأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم ينكر عليه لم يقل اجعل هـ?ذا بيني وبينك، ما أنكر عليه.
ومن فوائد هـ?ذا الحديث أن الرجل إذا أفطر بالجماع وجبت عليه الكفارة وإن لم يعلم أنها واجبة عليه، لأن هـ?ذا الرجل لم يدر ما يجب عليه؛ لكن يدري أن الجماع حرام، نعلم ذلك من قوله: (هَلَكْتُ)، وإن كان فيه احتمال أنه أُخبر أنه فعل بأن ذلك حرام؛ لكن هـ?ذا الاحتمال وارد وقد مر علينا أن الأصل عدم الوارد؛ بمعنى أن هـ?ذا الاحتمال يرد على القضية ورودا، يعني ليس هو من لوازم القضية؛ بل هو وارد عليه، والأصل عدم الورود.
¥