من فوائد الحديث عظم الجماع في نهار رمضان، لقوله: (هَلَكْتُ) ولإيجاب الكفارة المغلظة؛ لأن أغلظ الكفارات هـ?ذه كفارة الظهار وكفارة القتل، فهـ?ذا يدل على أن الجماع في نهار رمضان من أعظم الذنوب.
فإن قلت: هل تجب الكفارة في غير الجماع، كما لو أكل أو شرب أو أنزل بتقبيل .. أو ما أشبه ذلك؟
فالجواب: لا؛ لأنّ الإنسان لا ينال من الشهوة بهـ?ذه الأمور كما ينال بشهوة الجماع؛ ولأن شهوة الجماع شهوة تمتّع وتلذذ، وشهوة الأكل في الغالب شهوة حاجة، فلهذا خففت، يعني فلو أن الإنسان أكل أو شرب عامدا فلا كفارة عليه بخلاف الجماع.
من فوائد الحديث أن الإنسان قد يرزق من حيث لا يحتسب؛ لأن الله ساق صاحب هـ?ذا التمر إلى? أن جاء به إلى? مجلس النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي كان فيه هـ?ذا الفقير، لقوله: (ثُمَّ جَلَسَ, فَأُتِي اَلنَّبِيُّ .. ) إلى? آخره.
ومن فوائد الحديث سقوط كفارة الوطء في نهار رمضان عند العجز عنها، تؤخذ لأنه لما قال: لا أستطيع إطعام ستين مسكنا. ما قال: تبقى في ذمتك.
لكن يعكر على هـ?ذه الفائدة أنه لما جيء بالتمر قال له: خذ هـ?ذا وتصدق به، فإن هـ?ذا يدل على أنها لم تسقط، وسيأتي إن شاء الله البحث فيه قريبا.
ومن فوائد الحديث أيضا أن الإنسان ينبغي إذا استفتى مفتيا في حلقة علم أن يجلس فيها ليطلب العلم، لقوله: (ثُمَّ جَلَسَ).
من فوائد الحديث أيضا أنه يجوز دفع الصدقات للإمام ليقوم بدفعها لأهلها، (فَأُتِي اَلنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَرَقٍ فِيهِ تَمْرٌ) لأن الرسول عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ هو الإمام والناس يأتون إليه أحيانا بمثل هـ?ذا ليصرفه في أهله.
ومن فوائد الحديث أن الإمام مخيّر في صرف ما يأتيه من الأموال؛ بمعنى أن له أن يخصّ به من شاء، فلا يقال: يجب أن يوزعه على الناس بالسوية، نقول: هو مخير في أن يدفعه لمن شاء. من أين يؤخذ؟ من قوله للرجل: (تَصَدَّقْ بِهَذَا)، مع أن هـ?ذا الرجل في الواقع لم يأخذه إلا لدفعه كفارة لا لحاجته الخاصة.
إذن لو أن أحدا من الناس أرسل إليك دراهم من الزكاة لتدفعها، ورأيت رجلا طالب علم صاحب دين محتاجا للزِّواج، يحتاج إلى? عشرين ألف للزواج والدراهم التي أتتك عشرون ألفا، هل يجوز أن تعطيها لهذا الرجل وحده؟ هو من الزكاة، وعلى هـ?ذا فيجوز أن تعطيها لهذا الرجل وحده لأنه من أهل الزكاة، ولا أحد يستطيع أن يحتج عليك؛ لأن الإنسان مؤتمن في هـ?ذا الشيء.
ومن فوائد الحديث جواز مساعدة الإنسان في الكفارة، من قوله: (تَصَدَّقْ بِهَذَا).
ومن الفوائد أيضا أن الكفارة تسمى صدقة لقوله: (تَصَدَّقْ) والجامع بينهما أن الصّدقة كما قال النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ وَالسَّلاَمُ: ((تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار))، () والكفارة أيضا تُذهب خطيئة هـ?ذه المعصية التي كفّر عنها.
من فوائد الحديث أيضا جواز ذكر الإنسان حاله من غنى أو فقر أو مرض أو حاجة لا على وجه الشكاية إلى? الخلق، لقول الرجل: (أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟)، فيجوز لك أن تخبر عن إنسان وتقول: إنه فقير. لا على سبيل الشكاية.
وهل يجوز على سبيل السؤال؟ تأتي لشخص أمين تخبره بأنك في حاجة لعله يعطيك؛ () لأنه حين قال: (أَعَلَى أَفْقَرَ مِنَّا؟) فإن لسان حاله يقول: أعطيني إياه. وعلى هـ?ذا فيجوز للإنسان أن يذكر حاله للشخص تعريضا لإعطائه، وإن كان هـ?ذا الرجل جاء ليستفتي؛ لكن نقول: إذا جاز لهـ?ذا وهو إنما جاء ليستفتي، فالذي جاء للغرض نفسه من باب أولى، ما دام الشرع أباح له، وإلا كنا نقول: أنت ما جئت لهذا، أنت جئت لتنقذ نفسك مما وقعت فيه، ولا ينبغي لك إذا جئت لهذا الغرض أن تدخل أمور الدنيا في هـ?ذا.
ومن فوائد الحديث جواز إخبار الإنسان عن ما لا يحيط به علما بحسب ظنّه، (فَمَا بَيْنَ لابَتَيْهَا أَهْلُ بَيْتٍ أَحْوَجُ إِلَيْهِ مِنَّا)؛ لأن هـ?ذا لو أردنا أن نصل إلى? العلم اليقيني فيه لكان لابد أن نبحث كل بيت وحده، وهـ?ذا الرجل ما بحث كل بيت وحده قطعا.
¥