تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 – أنَّ قولكم: أنَّ هذا ليس بحدِّ الزنا. فنقول: نعم، لكنه حدٌّ مستقل عن حدِّ الزنا العام، لِمَا فيه من البشاعة، فجريمة الزنا كبيرةٌ من الكبائر، وهو بذات المحرم أشدُّ جُرْمَاً، فناسب مغايرة الحُكْمِ بينهما.

الوجه الثاني: إذا لم يكن في الحديث ما ينفي قول أبي حنيفة والثوري لم يكن حجةً عليهما، لأنَّ مخالفهما ليس بالتأويل أولى منهما.

يرد عليه:

1 – على التسليم بأنه ليس هناك ما ينفي قول أبي حنيفة والثوري: هل يتوقف في المسألة؟! أم يبحث عن أدلةٍ ومرجحات أخرى؟! وإذا بحثنا وجدنا أنَّ الأدلة دالةٌ على وجوب قتل من أتى ذات محرم منه.

الوجه الثالث: أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – عقدَ رايةً لقتل هذا الرجل، ولم تكن الرايات تعقد إلا لمن أمر بالمحاربة، والمبعوث لإقامة حدِّ الزنا غير مأمور بالمحاربة.

يرد عليه:

1 – عدم العلم ليس دليل العدم؛ فعندما لا نعلم أنَّ هناك رايةً عُقِدَت في غير الجهاد لا يلزم منه عدم وجودها.

2 – أنَّ هناك توجيهاً لعقد الراية أحسن مما ذكرتموه، وهو: أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – عقد هذه الراية لقتل هذا الرجل، لئلا يعترض معترضٌ على قتله، لعلمه بأنًّ هذه الراية قد عقدها النبي – صلى الله عليه وسلم –.

3 – لو كان قتله ردةً لما بعث معه راية؛ لأن الراية لا تكون إلا في الحرب، فهذا دليل على كون ذلك حداً؛ كما بعث النبي – صلى الله عليه وسلم – أنيساً إلى المرأة الزانية دون أن يعقد له راية.

الوجه الرابع: في الحديث أنَّ النبي – صلى الله عليه وسلم – بعثه إلى رجلٍ تزوج امرأة أبيه، وليس فيه أنه دخل بها؛ فإذا كانت العقوبة وهي القتل مقصوداً بها إلى المتزوج لتزوجه = دلَّ ذلك على أنها عقوبة وجبت بنفس العقد لا بالدخول، ولا يكون ذلك إلا والعاقد مستحلٌ لذلك.

يرد عليه:

1 – أنه لا يلزم من ارتكاب المعصية أن يكون العاصي مستحلاً لها؛ وإلا لكفر كل من عصى الله!.

2 – أنه إذا كانت هذه هي عقوبة العاقد فقط؛ فالداخل والزاني بدون عقد ولو كان باطلاً = أولى بهذه العقوبة.

3 – أنَّ هذا من الحيل الباطلة! فإذا أراد إنسانٌ غير محصن أن يعاشر أحد محارمه ويتخذها زوجةً له ولا يريد أن يقتل، فليس عليه إلا معاشرتها بدون عقد!

4 – أنَّ مصطلح (الزواج) من المصطلحات الشرعية الواردة في النصوص، وأما كل عقد أو وطءٍ لم يأمر الله به ولا أباحه؛ بل نهى عنه = فهو باطل، ومن سمى ذلك زواجاً فهو متعدٍّ، والأسماء الشرعية تتلقى من الشارع.

5 – أنَّ من سمى كل عقدٍ باطل ووطءٍ فاسدٍ – وهو الزنا المحض – زواجاً ليتوصل به إلى إباحة ما حَرَّمَ الله، أو إسقاط حدود الله = كمن سمَّى الخنزير كبشاً ليستحله ونحو ذلك؛ فهذا انسلاخٌ من الإِسلام، ونقض عقد الشريعة!

الوجه الخامس: أنَّ في الحديث زيادة على القتل، وهي " أخذ المال "، وفي رواية " ويخمس ماله "؛ فدل ذلك على أنَّ المتزوج كان بتزوجه مرتداً محارباً، فوجب أن يقتل لردته، وماله مال الحربيين.

يرد عليه:

1 – أنَّ هذه الزيادة غير صحيحة؛ كما يتضح ذلك في الملحق الخاص بتخريج حديث البراء.

2 – أنَّ القتل ليس لردته؛ فهذا محلُّ النزاع بيننا = فلا يستدل به.

3 – أنَّ أخذَ المال عقوبة زائدة على القتل – على التسليم بثبوتها –، ولها نظائر؛ كما في آحاد الناس الذين يمنعون الزكاة، فإنها تؤخذ منهم وشطر أموالهم ...

القول الرابع: التفريق بين من تزوج بامرأة أبيه بعقد أو بغير عقد، سواء كانت أمه أو غير أمه، دخل بها أبوه أم لم يدخل، وبين غيرها من المحارم، وهذا هو اختيار ابن حزم [23] ( http://www.alukah.net/majles/newthread.php?do=newthread&f=3#_ftn23) .

واستدلوا:

بأن حديث البراء بن عازب فيمن تزوج امرأة أبيه، والباقي يبقى على الأصل وهو معاملته معاملة الزاني بكراً كان أو ثيباً عقد عليها أو زنا بها بدون عقد.

يرد عليه:

1 – أنَّ هذا الاستدلال غير مستقيم؛ فإما أن يتوقف مع حرفية النص – فيقال: أنَّ هذا الحكم خاص بمن عقد بامرأة أبيه فقط دون من لم يعقد عليها – أو يبطل استدلالكم.

2 – أنَّ الأدلة الأخرى توضح أنَّ الحكم مطرد في كل ذوات المحارم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير