وقد روي أن ابن عمر رأى رجلا جعل ظلالا علىة محمله فقال: اضح لمن أحرمتَ له، يعني: ابرز إلى الضحاء.
قال الرياشي: رأيتُ أحمد بن أبي المعذل في يوم شديد الحر فقلتُ: يا أبا الفضل هلاّ استظللتَ فإن ذلك توسعة للخلاف فيه، فأنشد:
ضحيتُ له كي استظلَّ بظله إذِ الظلُّ أضحى في القيامة قالصاً
فواسفي إن كان سعيك باطلاً وواحسرتي إن كان حجك ناقصاً (2/ 97)
* قال الشيخ رحمه الله: الذي يفعله الحاج في منى ثلاثة أشياء:
رميٌ، ونحر، وحلق، فإن قدم من ذلك واحدا على صاحبه فلا فدية عليه؛ إلا في تقديم الحلاقة على الرمي فإن عليه الفدية عندنا؛ لأنه حلق قبل حصول شيء من التحلل فأشبه من تحلق عقب الإحرام. وعند المخالف لا فدية عليه لما وقع في بعض الطرق أنه قال: " أرم ولا حرج". ومحمل هذا عندنا على نفي الإثم لا الفدية. وحمله المخالف على نفيهما جميعا. (299)
* قال الشيخ رحمه الله في سبب الاختلاف في الإستنابة في الحج: ... وكأنّ الحج فرعٌ متردد بين أصليْن:
أحدهما: عمل البدن مجرد كالصلاة والصوم فلا يستناب في ذلك.
والثاني: المال كالصدقة وشبه ذلك فهذا يُستناب فيه، والحج فيه عمل بدن ونفقة مال فمن غلّب حكم عمل البدن رده إلى الصلاة والصوم، ومن غلب حكم المال ردّه إلى الصدقات والكفارات. (2/ 108)
* قال الشيخ رحمه الله: اختلف الناس في الأمر المطلق. فقال بعضهم: يُحمل على فعل مرة واحدة، وقال بعضهم: على التكرار، ومال بعضهم إلى الوقف فيما زاد على مرة. (2/ 109)
* قال الشيخ رحمه الله: أبو حنيفة يشترط في وجوب الحج على المرأة وجود ذي محرم، والشافعي يشترط ذلك أو امرأة واحدة تحج معها. ومالك لا يشترط شيئا من ذلك.
وسبب الخلاف: معارضة عموم الآية بهذا الخبر (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ثلاث ليال إلا ومعها ذو محرم). فعموم الآية قوله تعالى: (من استطاع) يقتضي الوجوب وإن لم يكن ذو محرم. والحديث يخصص ذلك فمن خصص الآية به اشترط المَحرم ومن لم يخصصها لم يشترط. وقد يحمل مالك الحديث على سفر التطوع، ويؤيد مذهبه أيضا أن يقول: اتفق أن عليها أن تُهاجر من دار الكفر وإن لم يكن ذو محرم لمّا كان سفرا واجبا فكذلك الحج. وقد يُنفصل عن هذا بأن يُقال: إقامتها في دار الكفر لا تحل ويخشى على دينها ونفسها وليس كذلك التأخر عن الحج. وأيضا فإن الحج مختلف فيه: هل هو على الفور أو التراخي؟. (2/ 110)
* قال الشيخ رحمه الله: اختلف الناس في قطع شجر الحرم هل فيه جزاء أم لا؟
فعند مالك لا جزاء فيه، وعند أبي حنيفة والشافعي فيه الجزاء. ويُحتج لمالك أن الجزاء لا يجب إلا بشرع والأصل براءة الذمة ولم يرد شرع بذلك. (2/ 114)
* قال الشيخ رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم. " اكتبوا لأبي شاةٍ" فيه دليل على جواز تدوين العلم والسنن وكتبه في الصحائف. ويحكى عن بعض السلف كراهية ذلك. (2/ 116)
* قوله صلى الله عليه وسلم: " لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً"
قال الشيخ رحمه الله: اختلف في تفسير ذلك:
1 - فقيل: الصرف الفريضة والعدل التطوع.
2 - وقال الحسن: الصرف النافلة والعدل الفريضة.
3 - وقال الأصمعي: الصّرف التوبة والعدل الفدية.
4 - وقال يونس: الصرف الاكتساب والعدل الفدية.
5 - وقال أبو عبيدة: الصرف الحيلة.
6 - وقال قوم: العدل المثل لقوله تعالى: (أو عدل ذلك صياما). (2/ 118)
كتاب النكاح
* قال الشيخ رحمه الله: إن المشهور من قول فقهاء الأمصار أن النكاح مستحب على الجملة. وذهب داود إلى وجوبه.
وسبب الخلاف تعارض الظواهر؛ فلداود قوله تعالى: (فانكحوا ما طاب لكم من النساء) والأمر على الوجوب، وله الحديث المذكور، وله قوله عليه السلام بعد هذا في حديث ذكر فيه التزويج. وقال فيه: " من رغب عن سنتي فليس مني"
ولفقهاء الأمصار أن الله تعالى خيّر في الآية بين النكاح وملك اليمين، والتسرر غير واجب باتفاق، فلو كان النكاح واجبا ما صح التخيير بينه وبين ملك اليمين؛ إذْ لا يصح على مذهب أهل الأصول التخيير بين واجب وما ليس بواجب؛ لأن ذلك مُؤد إلى ابطال حقيقة الواجب، وأن يكون تاركه غير آثم ....
¥