تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقول الثالث: إن الحنث في اليمين بالطلاق لا يقع به طلاق وتلزم صاحبه كفارة اليمين وهو قول ابن تيمية، وابن القيم· واحتجا له بالقياس على الحلف بالعتق (30) · ذلك أنه ثبت عن عدد من الصحابة أنهم أفتوا في الحلف بالعتق أنه لا يلزم الحالف به، ويجزيه كفارة يمين· ونفى ابن القيم أن يكون أُثر عن أحد منهم التصريح بالوقوع إلا فيما هو محتمل لإرادة الوقوع عند الشرط (31) · ونسب ابن تيمية الإفتاء بهذا الحكم إلى (32) · ومنه أخذ ابن القيم أنه (34) ·

ثانياً: سبب الاختلاف

يرجع سبب اختلاف الفقهاء في المسألة إلى اختلافهم في حكم صيغة الحلف بالطلاق، هل هي يمين كالحلف بالله أم لا؟ فمن عدها يميناً كما سمى الله من الأيمان، ألزم بها عند الحنث فيها، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك وأحمد في هذه المسألة· ومن لم يرها يميناً لم يوقع الطلاق عند الحنث فيها، وهو قول ابن حزم، ومن عدّها في حكم اليمين قال: لا يقع بها طلاق وتلزم بها الكفارة وهو ابن تيمية وابن القيم·

ثالثاً: الترجيح

يبدو من خلال عرض آراء وأدلة الفقهاء في المسألة أن الرأي الراجح فيها هو قول ابن تيمية، وابن القيم: إن الحلف بالطلاق لا يقع به شيء وتجب فيه كفارة اليمين فإن الأدلة تقويه، ثم لأن (35) · ويتأيد ترجيح قولهما بما يلي:

1 ـ كون الإلزام باليمين بالطلاق بدعة محدثة في الأمة أحدثها الحجاج بن يوسف الثقفي، وهي التي يطلق عليها أيمان البيعة (36) · فليس من الحق ـ كما قال الأستاذ علال الفاسي (37) ـ أن يجري على مذهبه أو يعمل وفق مقصده· ثم إن الحالف بالطلاق يعظم في نفسه طلاق امرأته أكثر مما يعظم الله في نفسه، فيحلف على شيء يخبر به، أو على شيء يفعله أو لا يفعله أو يفعله غيره أو لا يفعله، بما يعظم في نفسه سلطانه من دون الله· وبهذا يكون قد شرع لنفسه ما لم يشرع الله، لأن صيغة القسم التي يعتبرها الشرع هي التي بيَّنها رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (38) · وقد سبق الذكر أن القول بعدم وقوعه مروي عن عدد من الصحابة وبعض علماء السلف· روى عبدالرزاق عن ابن جريج قال: أخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول: (39) ·

ولا يطعن في هذا الحكم إقرار الكفارة عند الحنث مع أن الحلف بالطلاق ليست من صيغ اليمين التي ورد بها الشرع، وذلك لأن من يحلف بالطلاق يقصد به ما يقصد باليمين فكانت فيه الكفارة إذا حنث فيه· وأيضاً لا يطعن فيه أنه ورد النهي عن الحلف بغير الله في قوله صلى الله عليه وسلم: (40)، وقوله أيضاً: (41)، لأن المنهي عنه في هذين الحديثين هو الحلف بالذوات فإن فيه إشراكاً بالله، بخلاف الحلف بالطلاق فإنه حلف بمعنى قائم في الذهن لا يتصور أن يعبد من دون الله ومن ثمَّ كان القول بعدم وقوعه·

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير