وقولي أن الإمام داود الظاهري نقل عنه قول كقول الإمام ابن حزم، هو ما ذكره الشاشي في كتابه (حلية العلماء) وأنه حكي عن داود عدم تصحيح الطلاق المعلق بشرط، وهي رواية بخلاف ما رواه ابن حزم عنه، ويبدو أن ابن حزم إما أنه لم يعلم هذا القول لذلك لم يتعرض للرواية الثانية، وإما أنه وقف عليها ولم يصححها، فالله أعلم بذلك.
فإن صح النقل عن داود: فيضاف إلى قول من قال بعدم وقوع الطلاق المعلق بشرط.
أما قولي إن هذا الإجماع تأليفي، وعليه فلا يصح كذلك: فالذين قالوا هو إجماع هم من قال بوقوع الطلاق المؤجل بوقت أو زمان إذا جاء زمنه، فكل هذه الأقوال تنفي حصول هذا الإجماع.
بل قال من يدعي الإجماع ما يلي: قد حصل الإجماع على وقوع الطلاق عند الأجل، لأن من يوقعه حين نطق به فقد أجازه، فالواجب المصير إلى ما اتفقوا عليه، أي أنهم اتفقوا على جواز التعليق هذا فكان إجماعاً، وهذا تأليف إجماع لا يصح الاستدلال به.
فقد رد الإمام هذا الإجماع المزعوم فقال: هذا الإجماع باطل، وما أجمعوا قط على ذلك، لأن من أوقع الطلاق حين لفظ به المطلق لم يجز قط أن يؤخر إيقاعه إلى أجل، والذين أوقعوه عند الأجل لم يجيزوا إيقاعه حين نطق به.
أي كلام كل فريق بضد الآخر فكيف يكون إجماعاً .. !
وقد نقل الإمام ابن حزم الاتفاق في كتابه مراتب الإجماع على أن الطلاق المعلق بشرط أو بصفة بأنه واقع، ولكنهم اختلفوا في وقت وقوعه، أيقع الآن، أم إذا جاء وقته.
وإذا وقفت على هذا النقل تجده لم يذكر قوله في هذا الاتفاق، ولم يذكر (الإجماع) أو لفظ (أجمعوا) لأنه يعلم أنه ليس بإجماع، وهذا كما تقرر من خلال مقدمة كتاب مراتب الإجماع حين قال ابن حزم ما معناه: أنه سيدخل في كتابه مراتب الإجماع من حفظ قوله من أهل العلم، أي سيدخل ما وقف عليه من أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين وبعدهم، ولم يلتزم أن يذكر الإجماع المتيقن الصحيح عنده، وهذا ذكره في مقدمة كتابه وليس من استنباطي كما يدعي بعضهم حين نصحح لهم ما ينسبونه إلى ابن حزم ونذكر لهم خلاف قولهم عن ابن حزم من كتبه.
فالذين قالوا في المحلى (أجمعوا) إلى آخر العبارة إنما أرادوا التمويه بذكر لفظ الإجماع، وهو ليس بإجماع أصلاً، وإنما هو مما لا يعلم فيه خلاف، بمعنى أنه لم يصلنا قول السلف من الصحابة والتابعين غير هؤلاء، ولا يعني ذلك الذي لم يصلنا موافق أو مخالف للذي وصلنا قوله، وهذا ما قال عنه الإمام أحمد بن حنبل من ادعى فيه الإجماع فقد كذب.
وقد زعم ابن تيمية أن الإمام ابن حزم نقل الإجماع على وقوع الطلاق المعلق في كتابه مراتب الإجماع، ورغم ذلك خالفه في المحلى، وهذا وهم من ابن تيمية؛ لأن الإمام ابن حزم لم يذكر الإجماع في مراتب الإجماع، وإنما الاتفاق فقط، وبينهما فرق عنده كما في مقدمته، وكما في خاتمة كتابه حين نبه على الفرق بينهما في كتابه.
واستدل الإمام لقوله أن التعليق للطلاق لم يأت به شرع، فإن لم نوقعه حين التلفظ بالطلاق فمن المحال أن نوقعه في حين لم يوقعه فيه، وطلاقه ههنا معلق بشرط ولا يجوز اشتراط هذا الشرط لعدم ورود الشرع به، ولا يحل تحريم فرج بالظن أباحه الله تعالى لنا، والطلاق على هذه الصورة من المعاصي، فلا يحل لنا الوفاء بهذا الشرط وبهذه الصورة، وهذا كلامه في نفس المسألة.
ولو ادعى الإجماع ههنا وقال: أن العلماء أجمعوا على جوازه لأنهم إذا أوقعوه مباشرة دون انتظار حلول أجله فهذا اعتبار في إيقاع الطلاق المؤجل، لكن على هذا أيضاً لا يصح، فالخلاف بينهم محله هل يصح التعليق بوقت أو لا، وليس في وقوعه بعد أن يتلفظ به.
أما خلافهم مع الإمام فهو في وقوعه وصحة التعليق، فهو يقول أن الطلاق يقع بمجرد القصد وهو النية مع التلفظ بألفاظ الطلاق، وعلى كل حال فقد رأيت الخلاف في المسألة، فلا يصح فيها إجماع متيقن يحرم خلافه أصلاً، وإنما هو اتفاق بين من وصلنا فقههم وقولهم في هذه المسألة، ولعل للصحابة والتابعين الذين لم يصلنا قولهم ما يخالفون به هؤلاء جميعاً، فلا يجوز التمويه بذكر الإجماع للإلزام به، وهو ليس بإجماع
ـ[ابن وهب]ــــــــ[22 - 12 - 08, 09:42 ص]ـ
(القول الأول: لا يقع الطلاق المؤجل، وهو قول الإمام ابن حزم، وقول لداود في رواية ثانية، وأبي عبد الرحمن الشافعي من أصحاب الشافعي)
وقولي أن الإمام داود الظاهري نقل عنه قول كقول الإمام ابن حزم، هو ما ذكره الشاشي في كتابه (حلية العلماء) وأنه حكي عن داود عدم تصحيح الطلاق المعلق بشرط، وهي رواية بخلاف ما رواه ابن حزم عنه، ويبدو أن ابن حزم إما أنه لم يعلم هذا القول لذلك لم يتعرض للرواية الثانية، وإما أنه وقف عليها ولم يصححها، فالله أعلم بذلك
ابن حزم أعلم من الشاشي بمذهب داود فلا عبرة بهذه الرواية
وأبو عبد الرحمن الشافعي له شذوذ حتى أنه نقل عنه القول بالقطع في القليل والكثير ثم هو متأخر
¥