وأما بداية القليل للجماعة الكثيرة فيحتمل أيضا أن تكون الفضيلة للجماعة، ولهذا قال الشرع: "عليكم بالسواد الأعظم"، و"يد الله مع الجماعة"، فأمر ببدايتهم لفضلهم، أو لأنّ الجماعة إذا بدؤوا الواحد خيف عليه الكبر والزّهو فاحتيط له بأن لا يُبدأ وقد يُحتمل غير ذلك لكن ما ذكرناه هو الذي يليق بما قدمناه عنهم من التعليل، ولا تحسن معارضة مثل هذه التعاليل بآحاد مسائل شذت عنها لأنّ التعليل الكليّ لوضع الشرع لا يتطلب فيه ألا يشذ عنه بعض الجزئيات. (3/ 150)
كتاب الطب
* الساحر عندنا إذا سحر بنفسه قُتِل فإن تاب لم تقبل توبته خلافا للشافعي وهذه المسألة مبنية على الخلاف في قبول توبة الزنديق؛ لأنه مُسّر لما يوجب قتله كالساحر، وإنما قلنا يُقتل على الجملة؛لأنّ من عمل السحر وعلّمه فقد كفر والكافر يُقتل قال تعالى (وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر) [البقرة:102]
قال بعض أصحابنا: وقد قال تعالى: (ولبئس ما شروا به أنفسهم) [البقرة:102] يعني: باعوها وبيعه لنفسه يتضمن قتله.
وقال الشافعي: إن عمل السحر وقال به سُئل فإن قال تعمدتُ القتل به قُتل وإن قال لم أتعمد القتل به كانت فيه الدية.
قال الإمام: إذا ثبت أنه كافر استغني عن هذا التفصيل الذي قاله الشافعي. (3/ 161)
* ... وأما رقية أهل الكتاب فاختلف فيها وأخذ مالك بكراهتها على أنه روى في موطئه عن الصديق رضي الله عنه أنه أمر الكتابية التي وجدها ترقي أن ترقي بما في كتابها، ولعل مالكاً رحمه الله رأى أنّ التبديل لما دخلها خيف أن تكون الرقية بما بدل منه مما ليس بكلام الله سبحانه، ويكون المُجيز لذلك رأى أن التبديل لم يأت عليها ولعلهم لم يبدلوا مواضع الرقى منها إذ لا منفعة لهم في ذلك. (3/ 163)
* الفأل: رجوع إلى قول مسموع و أمر محسوس يحسن معناه في العقول فيخيّل للنفس وقوع مثل ذلك المعنى ويحسن الظن بالله سبحانه ورجاء الخير منه بأدنى سبب لا يقبح
والطيرة: أخذ المعاني من أمور غير محسوسة ولا معقولة ولا معنى يُشعر العقل بما يتوقع من ذلك فلهذا فارقت الفأل وإنها لا تقع إلا على توقع أمر مكروه والفأل يقع على ما يحبّ ويكره. (3/ 179)
* وأما ما ذكره: الشؤم في الدار والمرأة والفرس فإن مالكاً رضي الله عنه أخذ هذا الحديث على ظاهره ولم يتأوله فذكر في كتاب الجامع من المستخرَجة أنه قال: ربّ دارٍ سكنها قوم فهلكوا وآخرون بعدهم فهلكوا وأشار إلى حمل الحديث على ظاهره.
(3/ 179)
* وقد اعترض بعض أهل العلم في هذا الموضع بأنْ قال: فإنه نهى صلى الله عليه وسلم عن الفرار من بلد الطاعون وأباح الفرار من هذه الدار فما الفرق؟
قيل: إنّ الجامع لهذه الفصول كلها ثلاثة أقسام:
1 - ما لم يقع التأذي به ولا اطردت عادتهم فيه خاصة ولا عامة نادرة ولا متكررة فهذا لا يُصغى إليه، والشرع أنكر الالتفات إليه وهو الطيرة؛ لأن لُقيا الغراب في بعض الأسفار ليس فيه إعلام ولا إشعار بما يكره أو يختار لا على جهة الندور ولا التكرار، فلهذا قال صلى الله عليه وسلم: لا طيرة
2 - يقع به الضرر ولكنه يعم ولا يخص ويندر ولا يتكرر كالوباء فإن هذا لا يقدم عليه احتياطا ولا يفر منه لعدم أن يكون وصل الضرر إلى الضار على الندور أو التكرار.
3 - سبب يخص ولا يعم ويلحق منه الضرر كالديار فإن ضررها مختص بساكنها، فهذا يُباح له الفرار. (3/ 180)
* الكهان: قوم يزعمون أنهم يعلمون الغيب بأمور تُلقى في نفوسهم. (3/ 180)
* قال الشيخ رحمه الله: مالك رضي الله عنه ينهى عن اللعب بالنرد والشطرنج، ويرى الشطرنج شرا من النرد وألهى منها وهذا الحديث حجة له وإن كان ورد في النردشير قيست الشطرنج عليها لاشتراكهما في كونهما شاغلين عما يُفيد في الدين والدنيا مُوقعين في القمار أو التشاجر الحادث فيهما عند التغالب مع كونهما غير مفيدين. وقد حُكي عن أفاضل من التابعين لعبها. وقال بعض شيوخنا: لا يثبت ذلك عنهم وإنما يتقول ذلك أهل البطالة ليجعلوا لأنفسهم أسوة في بطالتهم. (3/ 196)
كتاب الرؤيا
* معنى قوله: " رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءا من النبوة"
اختلف في تفسيره على قولين:
¥