6 - وعللوا أن العمرة نُسُكٌ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ وَتَتَأَدَّى بِنِيَّةِ غَيْرِهَا فهَذِهِ أَمَارَةُ النَّفْلِيَّةِ فَلَا تَكُونُ وَاجِبَةً كَطَوَافِ التَّطَوُّعِ.
مناقشة أدلة الفريق الأول:-
1 - أما استدلالكم بان الله لم يذكر العمرة حين أوجب الحج بقوله تعالى (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) البقرة: 43
فإنه يحتمل قول الله عز وجل: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) أن يكون فرضها معا , وفرضه إذا كان في موضع واحد يثبت ثبوته في مواضع كثيرة كقوله تعالى (وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ) النساء: 103
ثم قال (إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً) فذكرها مرة مع الصلاة وأفرد الصلاة مرة أخرى دونها فلم يمنع ذلك الزكاة أن تثبت.
2 - أما حديث (والعمرة تطوع) فهو ضعيف كما في المجموع قال (فقد اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف) ِالمجموع - (7/ 6)
3 - وأما حديث جابر فضعيف كسابقه, قال في المجموع (ولا يغتر بكلام الترمذي في هذا-حديث حسن صحيح- فقد اتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف)
وقَالَ التِّرْمِذِيُّ: (قَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ ضَعِيفٌ، لا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ) سنن الترمذي تحت حديث رقم (853)
وَلَوْ صَحَّ لَمْ يَلْزَمْ مِنْهُ عَدَمُ وُجُوبِهَا مُطْلَقًا لاحْتِمَالِ أَنَّ الْمُرَادَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً عَلَى السَّائِلِ لِعَدَمِ اسْتِطَاعَتِهِ , أو نَحْمِلُهُ عَلَى الْمَعْهُودِ وَهِيَ الْعُمْرَةُ الَّتِي قَضَوْهَا حِينَ أُحْصِرُوا فِي الْحُدَيْبِيَةِ، أَوْ عَلَى الْعُمْرَةِ الَّتِي اعْتَمَرُوهَا مَعَ حَجَّتِهِمْ، مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً عَلَى مَنْ اعْتَمَرَ، أَوْ نَحْمِلُهُ عَلَى مَا زَادَ عَلَى الْعُمْرَةِ الْوَاحِدَةِ.
4 - أما حديث الأعرابي فلم يرد فيه (وأن تحج البيت) حسب رواية المتفق عليها لأنه جاء قبل فرض الحج فيسقط استدلالكم بهذا الحديث.
5 - أما حديث بني الإسلام على خمس فقال ابن حزم: (وهما –أي حديث الأعرابي وحديث أركان الإسلام- من أقوى حججنا عليهم لصحة قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: (دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة) فصح أنها واجبة بوجوب الحج، وأن فرضها دخل في فرض الحج، وأيضا فحتى لو لم يأت هذا الخبر لكان أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وورود القرآن بها شرعا زائدا وفرضا واردًا مضافًا إلى سائر الشرائع المذكورة، وكلهم يرى النذر فرضًا، والجهاد إذا نزل بالمسلمين فرضًا، وغسل الجنابة فرضًا، والوضوء فرضًا، وليس ذلك مذكورًا في الحديثين المذكورين) أ. هـ المحلى (7/ 42)
6 - أما تعليلهم أنها غير مؤقتة و تتأدى بنية غيرها فهي نفل فلا يصح لأن َصَلاة الْجِنَازَةِ ليست نفل بل فَرْضَ كفاية وَلَيْسَت بِمُؤَقَّتَة، وَصَّوْمِ رمضان ليس بنفل و يَتَأَدَّى بِنِيَّةِ غَيْرِهِ وَهُوَ فَرْضٌ
أدلة الفريق الثاني:-
1 - قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: (وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ) البقرة: 196 وَ معنى (أتموا) أقيموا الحج والعمرة لله, مثل قوله تعالى (فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة) النساء 196 أي فأتموا الصلاة فكان معنى (فأتموا) اي أقيموا, ومُقْتَضَى الْأَمْرِ الْوُجُوبُ، ثُمَّ عَطَفَهَا عَلَى الْحَجِّ، وَالْأَصْلُ التَّسَاوِي بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ ,و روى الشافعي عن ابن عباس أنه قال: والذي نفسي بيده إنها لقرينتها في كتاب الله (وأتموا الحج والعمرة لله) رواه الشافعي في الأم - (2 / ص 145) و قال الألباني في مختصر صحيح البخاري (وصله الشافعي والبيهقي بسند صحيح عنه) (1/ 512)
2 - ما روي عن عَائِشَة رضي الله عنها أنها قَالَتْ , قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَى النِّسَاءِ جِهَادٌ , قَالَ: (نَعَمْ عَلَيْهِنَّ جِهَادٌ لَا قِتَالَ فِيهِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) رواه ابن ماجه (2892) و اللفظ له و الإمام أحمد (24158) وابن خزيمة (2836) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجة (2901)
فقوله: "عليهن" ظاهر في الوجوب؛ لأن "على" من صيغ الوجوب، كما نص عليه أهل الأصول , ثم قرن الحج والعمرة فدل على وجوب العمرة.
¥