تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأما العتق والطلاق فإن موجب الكلام وجودهما فإذا وجد الشرط وجد العتق والطلاق وإذا وقعا لم يرتفعا بعد وقوعهما لأنهما لا يقبلان الفسخ بخلاف ما لو قال: إن فعلت كذا فوالله على أن أعتق فإنه هنا لم يعلق العتق وإنما علق وجوبه بالشرط فيخير بين فعل هذا الإعتاق الذي أوجبه على نفسه وبين الكفارة التي هي بدل عنه ولهذا لو قال: إذا مت فعبدي حر عتق بموته من غير حاجة إلى الإعتاق ولم يلزمه فسخ هذا التدبير عند الجمهور إلا قولا للشافعي ورواية عن أحمد وفي بيعه الخلاف المشهور ولو وصى بعتقه فقال: إذا مت فاعتقوه كان له الرجوع في ذلك كسائر الوصايا وكان له بيعه هنا وإن لم يجز بيع المدبر

وذكر أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن محمد بن عرفه في تاريخه أن المهدي لما روى ما أجمع عليه رأي أهل بيته من العهد إلى أنه وزع عيسى بن موسى الذي كان ولي العهد عزمه على خلع عيسى ودعاهم إلى البيعة لموسى فامتنع عيسى من الخلع وزعم أنه عليه إيمانا تخرجه من أملاكه ويطلق نساءه فأحضر له المهدي ابن غلامة ومسلم بن خالد وجماعة من الفقهاء فافتوه بما يخرجه عن يمينه واعتاض عما يلزمه في يمينه بمال كثير ذكره ولم يزل إلى أن خلع وبيع للمهدي ولموسى الهادي بعده

وأما أبو ثور فقال في العتق المعلق على وجه اليمين يجزئه كفارة يمين كنذر اللجاج والغضب لأجل ما تقدم من حديث ليلى بنت العجماء التي أفتاها عبد الله بن عمر وحفصة أم المؤمنين وزينب ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في قولها إن لم أفرق بينك وبين امرأتك فكل لي محرر وهذه القصة هي مما اعتمدها الفقهاء المستدلون في مسألة نذر اللجاج والغضب لكن توقف أحمد وأبو عبيد عن العتق فيها لما ذكرته من الفرق وعارض أحمد ذلك وأما الطلاق فلم يبلغ أبا ثور فيه أثر فتوقف عنه مع أن القياس عنده مساواته للعتق لكن خاف أن يكون مخالفا للإجماع والصواب أن الخلاف في الجميع الطلاق وغيره لما سنذكره

ولو لم ينقل في الطلاق نفسه خلاف معين لكان فتيا من أفتى من الصحابة في الحلف بالعتاق بكفارة يمين من باب التنبيه على الحلف بالطلاق فإنه إذا كان نذر العتق الذي هو قربة لما خرج مخرج اليمين أجزأت فيه الكفارة فالحلف بالطلاق الذي ليس بقربة أما أن تجزي فيه الكفارة أولا يجب فيه شيء قول على قول من يقول نذر غير الطاعة لا شيء فيه ويكون قوله: إن فعلت كذا فأنت طالق بمنزلة قوله: فعلى أن أطلقك كما كان عند أولئك الصحابة ومن وافقهم قوله: فعبيدي أحرار بمنزلة قوله فعلى أن أعتقهم على أني إلى الساعة لم يبلغني عن أحد من الصحابة كلام في الحلف بالطلاق

وذلك والله أعلم لأن الحلف بالطلاق لم يكن قد حدث في زمانهم وإنما ابتدعه الناس في زمن التابعين ومن بعدهم فاختلف فيه التابعون ومن بعدهم فأحد القولين أنه يقع به كما تقدم والقول الثاني أنه لا يلزم الوقوع ذكر عبد الرزاق عن طاووس عن أبيه أنه كان يقول الحلف بالطلاق ليس شيئا قلت: أكان يراه يمينا قال لا أدري فقد أخبر ابن طاووس عن أبيه أنه كان لا يراه موقعا للطلاق وتوقف في كونه يمينا يوجب الكفارة لأنه من باب نذر ما لا قربة فيه

وفي كون مثل هذا يمينا خلاف مشهور وهذا قول أهل الظاهر وكذا أبي محمد بن حزم لكن بناء على أنه لا يقع طلاق معلق ولا عتق معلق

واختلفوا في المؤجل وهو بناء على ما تقدم من أن العقود لا يصح منها إلا ما دل نص أو إجماع على وجوبه أو جوازه وهو مبني على ثلاث مقدمات يخالفون فيها:

أحدها: كون الأصل تحريم العقود

الثاني: أنه لا يباح ما كان في معنى النصوص

الثالث: أن الطلاق المؤجل والمعلق لم يتدرج في عموم النصوص) انتهى.

وقال بعض الحنابلة: إن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله. وذلك بالتخريج على رواية جواز فسخ العتق المعلق على شرط قال ابن مفلح في الفروع (5/ 103):" ولا يبطل التدبير برجوعه فيه, وإبطاله وبيعه ثم شراؤه كعتق معلق بصفة. وفيه رواية في الانتصار والواضح: له فسخه, كبيعه, ويتوجه في طلاق". وقد نقل عن شيخ الإسلام رحمه الله القول بأن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله في الشرط المحض قال في الفروع نقلاً عنه (5/ 356):" ووافق على شرط محض, كإن قدم زيد".

ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[19 - 10 - 07, 07:40 م]ـ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير