ونقل ابن قدامة رحمه الله عن القاضي أبي يعلى في بيان الحلف بالطلاق والفرق بينه وبين التعليق المحض كلاما موافقاً لما ذهب إليه الشيخ بن باز رحمه الله تعالى , وهو قوله:
" اختلف أصحابنا في الحلف بالطلاق فقال القاضي في الجامع و أبو الخطاب هو تعليقه على شرط أي شرط كان إلا قوله إذا شئت فانت طالق ونحوه فإنه تمليك وإذا حضت فأنت طالق فإنه طلاق بدعة وإذا طهرت فأنت طالق فإنه طلاق سنة وهذا قول أبي حنيفة لأن ذلك يسمى حلفا عرفا فيتعلق الحكم به كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق ولأن في الشرط معنى القسم من حيث كونه جملة غير مستقلة دون الجواب فاأشبه قوله والله وبالله وتالله وقال القاضي في المجرد:
هو تعليقه على شرط يقصد به الحث على الفعل، أو المنع منه، كقوله: إن دخلت الدار فأنت طالق، وإن لم تدخلي فأنت طالق. أو على تصديق خبره، مثل قوله: أنت طالق لقد قدم زيد أو لم يقدم.
فأما التعليق على غير ذلك، كقوله: أنت طالق إن طلعت الشمس، أو قدم الحاج، أو إن لم يقدم السلطان، فهو شرط محض ليس بحلف ,لأن حقيقة الحلف القسم وإنما سمي تعليق الطلاق على شرط حلفا تجوزا لمشاركته الحلف في المعنى المشهور وهو الحث أو المنع أو تأكيد الخبر نحو قوله والله لأفعلن او لا أفعل أو لقد فعلت أو لم أفعل وما لم يوجد فيه هذا المعنى لا يصح تسميته حلفا وهذا مذهب الشافعي فإذا قال لزوجته إذا حلفت بطلاقك فأنت طالق ثم قال: إذا طلعت الشمس فأنت طالق لم تطلق في الحال على القول الثاني لأنه ليس بحلف وتطلق على الأول لأنه حلف وإن قال: كلما كلمت أباك فانت طالق طلقت على القولين جميعا لأنه علق طلاقها على شرط يمكن فعله وتركه فكان حلفا كما لو قال إن دخلت الدار فانت طالق وإن قال: إن حلفت بطلاقك فانت طالق وينعقد شرط طلقة أخرى وبهذا قال الشافعي و أصحاب الرأي وقال أبو ثور: ليس ذلك بحلف ولا يقع الطلاق بتكراره لأنه تكرار للكلام فيكون تأكيدا لا حلفا
ولنا أنه تعليق للطلاق على شرط يمكن فعله وتركه فكان حلفا كما لو قال: إن دخلت الدار فأنت طالق ولوه إنه تكرار للكلام حجة عليه فإن تكرار الشيء عبارة عن وجوده مرة أخرى فإذا كان في الأول حلفا فوجد مرة أخرى فقد وجد الحلف مرة أخرى وأما التأكيد فإنما يحمل عليه الكلام المكرر إذا قصده وههنا إن قصد إفهامها لم يقع بالثاني شيء كما لو قال أنت طالق يعني بالثانية إفهامها فأما إن كر ذلك لغير مدخول بها بانت بطلقة ولم يقع أكثر منها فإذا قال لها ذلك ثلاثا بانت بالمرة الثانية ولم تطلق بالثالثة فإن جدد نكاحها ثم أعاد ذلك لها أو قال لها إن تكلمت فأنت طالق أو نحو ذلك لم تطلق بذلك لأن شرط طلاقها انما كان بعد بينونتها)
"المغني" (7/ 333)
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[19 - 10 - 07, 07:55 م]ـ
جزاك الله خيرا أبا زيد، ولكن السؤال لم يكن عن هذا: هل يقع أم هو كفارة؟
بل كان عن طلب من الزوج أن يرجع في يمينه قبل وقوعها، فهذا هو السؤال.
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[19 - 10 - 07, 10:28 م]ـ
أنا كتبتُ أعلاه هذه الجُمل:
قال بعض الحنابلة: إن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله. وذلك بالتخريج على رواية جواز فسخ العتق المعلق على شرط قال ابن مفلح في الفروع (5/ 103):" ولا يبطل التدبير برجوعه فيه, وإبطاله وبيعه ثم شراؤه كعتق معلق بصفة. وفيه رواية في الانتصار والواضح: له فسخه, كبيعه, ويتوجه في طلاق". وقد نقل عن شيخ الإسلام رحمه الله القول بأن لمن علق طلاق امرأته على شيء الرجوع عن ذلك، وإبطاله في الشرط المحض قال في الفروع نقلاً عنه (5/ 356):" ووافق على شرط محض, كإن قدم زيد".
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[20 - 10 - 07, 06:52 م]ـ
أخي الفاضل
سبحان الله، فعلا أنا قرأت الثانية ولم أنتبه لسابقتها!!!
لكن هذا القول لا يعمل به إخواننا الفضلاء كالشيخ ياسر برهامي - مثلا - فهو يقول بوقوع اليمين وليس بيد الزوج الرجوع عن مقالته تلك، فكانه لا يعتمد هذا القول، خاصة - كما تذكر أنت - انه تخريج على قول، أي أنه ليس قولا للإمام نفسه.
ولربما يأخذ الشيخ ياسر بثبوت إجماع قبله، فهو محجوج بهذا الإجماع، أليس كذلك؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[أبو زيد الشنقيطي]ــــــــ[20 - 10 - 07, 10:23 م]ـ
بلى , وجزيت خيراً , لكنَّ الرجوع عنه قد يقال به على مذهب من لا يرى هذه الصيغة يمينا توجب الطلاق ولا الكفارة كابن حزم وغيره, أما من اعتمدوها يمينا فلا أذكر عن أحد منهم فيما أعلم قولاً بإمكان الرجوع والله تعالى اعلم
ـ[صالح العقل]ــــــــ[20 - 10 - 07, 11:00 م]ـ
أحسنتم.
ـ[يحيى صالح]ــــــــ[21 - 10 - 07, 08:22 م]ـ
على مذهب من لا يرى هذه الصيغة يمينا توجب الطلاق ولا الكفارة كابن حزم وغيره
جزانا اللهُ وإياكم خيرا
أما الإمام ابن حزم عليه رحمة الله تعالى، فأنت تعلم أنه ليس عنده ما يسمى باليمين المعلق، وإنما يقول إن أي شخص علَّق يمينا على سبب فقد وقعت حالا!!!
¥