تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وبهذا استدل أحمد به على الجمع لهذه الأمور بطريق الأولى فإن هذا الكلام يدل على أن الجمع لهذه الأمور أولى وهذا من باب التنبيه بالفعل فإنه إذا جمع ليرفع الحرج الحاصل بدون الخوف والمطر والسفر فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع والجمع لها أولى من الجمع لغيرها. ومما يبين أن ابن عباس لم يرد الجمع للمطر - وإن كان الجمع للمطر أولى بالجواز - بما رواه مسلم من حديث حماد بن زيد عن الزبير بن الخريت عن {عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس وبدت النجوم فجعل الناس يقولون: الصلاة الصلاة قال: فجاء رجل من بني تيم لا يفتر: الصلاة الصلاة فقال أتعلمني بالسنة لا أم لك؟ ثم: قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء} قال عبد الله بن شقيق: فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته. ورواه مسلم أيضا من حديث عمران بن حدير {عن ابن شقيق قال: قال رجل لابن عباس: الصلاة فسكت: ثم قال الصلاة فسكت ثم قال: لا أم لك أتعلمنا بالصلاة وكنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم} فهذا ابن عباس لم يكن في سفر ولا في مطر وقد استدل بما رواه على ما فعله فعلم أن الجمع الذي رواه لم يكن في مطر ولكن كان ابن عباس في أمر مهم من أمور المسلمين يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته ورأى أنه إن قطعه ونزل فاتت مصلحته فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بالمدينة لغير خوف ولا مطر بل للحاجة تعرض له كما قال: " أراد أن لا يحرج أمته " ومعلوم أن جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة لم يكن لخوف ولا مطر ولا لسفر أيضا فإنه لو كان جمعه للسفر لجمع في الطريق ولجمع بمكة كما كان يقصر بها ولجمع لما خرج من مكة إلى منى وصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ولم يجمع بمنى قبل التعريف ولا جمع بها بعد التعريف أيام منى بل يصلي كل صلاة ركعتين غير المغرب ويصليها في وقتها ولا جمعه أيضا كان للنسك فإنه لو كان كذلك لجمع من حين أحرم فإنه من حينئذ صار محرما فعلم أن جمعه المتواتر بعرفة ومزدلفة لم يكن لمطر ولا خوف ولا لخصوص النسك ولا لمجرد السفر فهكذا جمعه بالمدينة الذي رواه ابن عباس وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن أمته فإذا احتاجوا إلى الجمع جمعوا. قال البيهقي: ليس في رواية ابن شقيق عن ابن عباس من هذين الوجهين الثابتين عنه نفي المطر ولا نفي السفر فهو محمول على أحدهما. أو على ما أوله عمرو بن دينار وليس في روايتهما ما يمنع ذلك التأويل. فيقال: يا سبحان الله ابن عباس كان يخطب بهم بالبصرة فلم يكن مسافرا ولم يكن هناك مطر وهو ذكر جمعا يحتج به على مثل ما فعله فلو كان ذلك لسفر أو مطر كان ابن عباس أجل قدرا من أن يحتج على جمعه بجمع المطر أو السفر. وأيضا فقد ثبت في الصحيحين عنه أن هذا الجمع كان بالمدينة فكيف يقال لم ينف السفر؟ وحبيب بن أبي ثابت من أوثق الناس وقد روي عن سعيد أنه قال: {من غير خوف ولا مطر} وأما قوله: إن البخاري لم يخرجه فيقال: هذا من أضعف الحجج فهو لم يخرج أحاديث أبي الزبير وليس كل من كان من شرطه يخرجه. وأما قوله: ورواية عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء قريب من رواية أبي الزبير فإنه ذكر ما أخرجاه في الصحيحين من حديث حماد ابن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس: {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بالمدينة سبعا وثمانيا: الظهر والعصر والمغرب والعشاء}. وفي رواية البخاري عن حماد بن زيد فقال لأيوب: لعله في ليلة مطيرة؟ فقال عسى. فيقال: هذا الظن من أيوب وعمرو فالظن ليس من مالك. وسبب ذلك أن اللفظ الذي سمعوه لا ينفي المطر فجوزوا أن يكون هو المراد ولو سمعوا رواية حبيب بن أبي ثابت الثقة الثبت لم يظنوا هذا الظن ثم رواية ابن عباس هذه حكاية فعل مطلق لم ذكر فيها نفي خوف ولا مطر فهذا يدلك على أن ابن عباس كان قصده بيان جواز الجمع بالمدينة في الجملة ليس مقصوده تعيين سبب واحد فمن قال إنما أراد جمع المطر وحده فقد غلط عليه ثم عمرو بن دينار تارة يجوز أن يكون للمطر موافقة لأيوب وتارة يقول هو وأبو الشعثاء أنه كان جمعا في الوقتين كما في الصحيحين عن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير