وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
وكتب أبو إبراهيم المكي
في محرم سنة 1425هـ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
(1) أخرجها الخلال في: «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»: (ص/87 - 88).
(2) «المنتقى شرح موطأ الإمام مالك» للباجي: (1/ 257).
(1) «تقرير القواعد» لابن رجب: (1/ 4).
ـ[أبو إبراهيم المكي]ــــــــ[12 - 11 - 08, 08:02 م]ـ
عمدة من أباح الجمع في المطر لأجل المطر
اعلم أنَّ عمدة المخالفين في إباحة الجمع في الحضر لأجل المطر: هو حديث ابن عبَّاس ـ رضي الله عنهما ـ المشهور في الجمع الواقع بالمدينة.
ودونك تخريج الحديث، ثم وجه استدلالهم به، ثم نقض هذا الاستدلال بالأصول والنقول وأقوال العلماء الفحول، بعون الله.
- تخريج حديث الجمع بالمدينة:
قال الإمام أحمد في «المسند»: (1/ 221): حدثنا سفيان، قال عمرو: أخبرني جابر بن زيد، أنه سمع ابن عباس يقول: «صلَّيتُ مع رسول الله ثمانياً جميعاً (1)، وسبعاً جميعاً (2)». قال (3): قلتُ: يا أبا الشَّعْثاء، أظنُّه أخَّر الظُّهْرَ، وعجَّل العصر، وأخَّر المغرب، وعجَّل العشاء؟ قال: وأنا أظُنُّ ذلك.
أخرجه ابن أبي شيبة «مصنفه»: (8303)، والحميدي في «مسنده»: (475)، والبخاري في «صحيحه»: (1174)، ومسلم في «صحيحه»: (706)، وأبو نعيم في «مستخرجه»: (1591)، والبيهقي في «السنن الكبرى»: (3/ 168)، والطَّحاوي في «شرح معاني الآثار»: (966) من طريق سفيان أيضاً، به.
وأخرجه مالك في «الموطأ»: (368)، ومن طريقه الشافعي (536)، ومسلم (705)، وأبو داود (1203)، وأبو عوانة (2397)، والبيهقي (3/ 166)، وغيرهم عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه قال: «صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظهر والعصر جميعاً، والمغرب والعشاء جميعاً، في غير خوف ولا سفر».
وهو عند مسلم (705) من طريق زهير، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس م بلفظ: «صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظهر والعصر جميعاً بالمدينة، في غير خوف ولا سفر».
قال أبو الزبير: فسألت سعيداً: لم فعل ذلك؟ فقال: سألت ابن عباس كما سألتني. فقال: «أراد أن لا يحرج أحداً من أمته».
وقد صرَّح أبو الزبير بالسَّماع من سعيدِ بْنِ جُبَير عند الطيالسي في «مسنده»: (2751).
وتابعه العوَّام ُبن حوشب وعمار الدُّهْنِيُّ؛ كما في «المعجم الأوسط» للطبراني: (2337) و (7195).
وأخرجه مسلم (706) من طريق أبي معاوية ووكيع؛ كلاهما عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس ط، قال: «جمع رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، بالمدينة، في غير خوف ولا مطر ... ».
وهو عند أحمد (1/ 354)، وأبي داود (1204)، والترمذي (187)، والبيهقي (3/ 167)، وغيرهم.
وقال ابن عبد الهادي في «المحرر»: (ص/160): «وقد تكلَّم ابن سريج في قوله: ولا مطر» اهـ.
وقال الحافظ ابن رجب في «فتح الباري»: (3/ 85): «وقد اخْتلِفَ على الأعمش في إسناد هذا الحديث، وفي لفظه ـ أيضاً ـ:
فقال كثير من أصحاب الأعمش، عنه فيه: من غير خوف ولا مطر.
ومنهم من قال عنه: من غير خوف ولا ضرر.
ومنهم من قال: ولا عذر.
وذكر البزار، أن لفظة «المطر» تفرَّد بها حبيب، وغيره لا يذكرها. قال: على أن عبد الكريم قد قال نحو ذلك .. » اهـ.
وقال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد»: (5/ 492) ـ بعد إخراجه لحديث الأعمش ـ:
«هكذا يقول الأعمش في هذا الحديث: عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: «من غير خوف ولا مطر». وحديث مالك، عن أبي الزبير، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال فيه: «من غير خوف ولا سفر». وهو الصحيح فيه إن شاء الله، والله أعلم. وإسناد حديث مالك عند أهل الحديث والفقه أقوى وأولى. وكذلك رواه جماعةٌ عن أبي الزبير، كما رواه مالك: من غير خوف ولا سفر؛ منهم: الثوري، وغيره، إلا أن الثوري لم يتأول فيه المطر، وقال فيه: لئلا يُحرج أمَّته» اهـ.
¥