تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• وإن شاء الإمام أن لايقوم من مصلاه فلا بأس ولكن لايبقى مستقبلاً القبلة وإنما ينحرف عنها ويستقبل المأمومين بوجهه، وهذا الانحراف يجزئه عن القيام من مصلاه وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستعيض به عن القيام، فروى الشيخان من حديث سمره بن جندب رضي الله عنه قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه) ولفظ أحمد من حديث سمرة رضي الله عنه: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى صلاة الغداة أقبل علينا بوجهه) وروى أبو داوود بإسناد صحيح عن الأسود بن يزيد رضي الله عنه قال: ((صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ً فكان إذا انصرف انحرف) وعند أحمد: ((وكان إذا انصرف أقبل علينا بوجهه) وقال البخاري في صحيحه: ((باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم))، ثمَّ ذكر أحاديث في الباب عن سمرة المتقدم وعن أنس وعن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنهم كلهم يذكر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا انصرف أقبل على الناس بوجهه، وصرّح الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه بإجزاء الانحراف عن القيام فروى عبدالرزاق في مصنفه بإسناد صحيحٍ عنه أنه قال: ((إذا سلَّم الإمام فليقمْ وإلا فلينحرف عن مجلسه) قال ابن رجب في فتح الباري: ((والمنقول عن السلف يدلُّ على أن الإمام ينحرف عقب سلامه، ثم يجلس إن شاء)) اه.، وقال في موضع آخر: ((ولم يرخص في إطالة استقبال الإمام القبلة بعد سلامه للذكر والدعاء إلا بعض المتأخرين ممن لا يعرف السنن والآثار)) ا. هـ

• وكل ما تقدم من انحراف الإمام أو انصرافه عقيب التسليم إنما يكون في جميع المكتوبات دون تفريق بين صلاة وغيرها، ودون استثناء للمغرب والفجر، بذا جزم الإمام أحمد، فقال ابن رجب: ((ولم يأخذ الإمام أحمد بحديث أبي ذر رضي الله عنه – أي حديثه في التهليلات العشر دبر الفجر والمغرب قبل أن يثني رجله -، فإنه ذُكِرَ له هذا الحديث، فقال: أعجب إليّ أن لا يجلس، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى الغداة أقبل عليهم بوجهه)) ا. هـ.

• فإذا انحرف الإمام فإنه يستقبل جميع الناس بوجهه، كما ثبت في النصوص المتقدمة.

* واختلف أهل العلم في الحكمة من التفات الإمام إذا انصرف من صلاته وذكر الحافظ ابن حجر ثلاثاً من هذه الحكم، منها:-

01 أنه يقبل على الناس بوجهه ليعلمهم دينهم ويرشدهم.

02 أن يلتفت إليهم حتى إذا دخل الداخل إلى المسجد عرف انقضاء الصلاة 0

03 أن الأصل في المصلِّي أن لايولِّي الناس ظهره، وإنما احتاج الإمام إلى ذلك لأنه إمامٌ لهم مقدَّمٌ عليهم ليستقبل قبلته، وإذا فرغ من صلاته بادر إلى استقبالهم حتى يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين 0

• فإذا انحرف الإمام عن القبلة إلى المأمومين فله أن يبتديء في الالتفات عن يمينه أو عن يساره وكذا إذا انصرف فله أن ينصرف عن يمينه أو عن شماله، فجهة الانصراف ليست مقصودة فيفعل الأيسر له والأقرب لقضاء حاجته وبلوغ وُجْهَتِه، فروى الشيخان من حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: ((لا يجعلْ أحدُكم للشيطان شيئاً من صلاته يرى أن حقا عليه أن لا ينصرف إلا عن يمينه لقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كثيرا ينصرف عن يساره) وروى مسلم عن السُّدِّي قال سألت أنسا رضي الله عنه: كيف أنصرف إذا صليت؟ عن يميني أو يساري؟ قال: ((أما أنا فأكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه)). وروى مسدد بسندٍ صحيح عن أنس وعلقه البخاري في صحيحه جازما: ((أن أنساً رضي الله عنه كان ينفتل عن يمينه وعن يساره ويعيب على من يتوخى أو من يعمد الانفتال عن يمينه، ويقول: يدورون كما يدور الحمار) وبوب عليه البخاري في صحيحه بقوله: ((باب الانفتال والانصراف عن اليمين والشمال))، فقال ابن المنير معلقا على ترجمة البخاري رحمه الله -كما في الفتح-: ((جمع في الترجمة بين الانفتال والانصراف للإشارة إلى أنه لا فرق في الحكم بين الماكث فِي مصلاه إِذا اِنفتل لِاستِقبالِ المأمومِين، وبين المتوجه لِحاجِتهِ إِذا اِنصرف إِليها)) اه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير