تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فهذه الأحاديث دلَّت على أن الإنسان يفعل الأيسر له والأقرب لجهته ومقصده؛ فإن تساوت الجهتان وكلاهما متيسرٌ قريبٌ من مقصده فالأفضل أن ينصرف عن يمينه، لمارواه مسلم عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه يقبل علينا بوجهه فسمعته يقول: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك))، وهذا ما ذكره النووي عن الشافعية في المجموع.

• وهذا الحكم من الانصراف يميناً وشمالاً لا يختص بالإمام فقط وإنما هو للمأمومين كذلك.

• أما إذا فرغ المصلي من صلاته وكان مأموماً فإنه ينتظر انصراف إمامه أو انحرافه، ولايثبْ بعد الصلاة مباشرة من مصلاه بل ينبغي عليه أن يتابع إمامه حتى في انصرافه من الصلاة، فروى البخاري في صحيحه عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: ((كان النساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمّن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال)).

وروى مسلم في صحيحه من حديث أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إني إمامُكم فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ولا بالقيام ولا بالانصراف)) وهذا على من حمل الانصراف في هذا الحديث على القيام من المصلى.

وروى عبد الرزاق في مصنفه بسند صحيح عن ابن سيرين قال: قلت لابن عمر: إذا سلم الامام أنصرف؟ قال: ((كان الإمام إذا سلَّم انكفتَ وانكفتْنَا معه))، وروى عبدالرزاق في مصنفه بإسنادٍ صحيح عن الزهري أنه سئل هل ينصرف الرجل من صلاته قبل إمامه , فقال: ((إنما جعل الإمام ليؤتم به) قال ابن رجب في الفتح: ((يشير - أي الزهري - إلى أن مشروعية الاقتداء به لا تنقطع إلا بانصرافه) وقال ابن قدامة في الكافي: ((ولعلّ الإمام يذكر سهواً فيسجد للسهو فيتابعه المأموم)) 0

• ويمكن للمأموم أن ينصرف بانحراف إمامه، فإذا أخَلَّ الإمام بالسنة وأطال جلوسه مستقبلاً القبلة فللمأموم أن يقوم ويدَعَهُ، وروى عبدالرزاق في مصنفه بسندٍ صحيح عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: ((فإذا فرغ الإمام ولم يقم ولم ينحرف وكانت لك حاجة فاذهب ودعْهُ فقد تمَّت صلاتُك)).

• وللمأموم أن يمكث في مصلاه مستقبلاً القبلة لذكر الله والاستغفار ما شاء وليس عليه بعد التسليم انحراف أو انصراف لا اختلاف بين أهل العلم في ذلك كما ذكر ابن رجب في فتحه.

• أما النساء فإذا حضرن الصلاة مع الرجال فإنهنَّ يبادِرْنَ إلى القيام والانصراف، كما عليه النساء الأوائل من سلف الأمة وتقدم هذا من حديث أم سلمة رضي الله عنها، ولا ينتظرن انحراف الإمام أو انصرافه حتى لا يحصل اختلاط ٌ بين الرجال والنساء.

• ويكره للمصلي إماماً كان أو مأموماً أن يتطوع في مكان إذا صلى المكتوبة بل عليه أن يتحول من مكانه أو يخرج أو يحصل طول فصل مع كلام ونحوه، لما رواه مسلم في صحيحه عن معاوية رضي الله عنه قال: ((أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لاتوصل صلاةٌ بصلاةٍ حتى نتكلَّم أو نخرج) وروى الإمام أحمد في مسنده عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((صلينا العصر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من صلاته قام رجلٌ يريد أن يصلي، فقال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: اجلس فإنما هلك أهل الكتاب أنه لم يكن لصلاتهم فصلٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحسن ابنُ الخطاب) وروى ابن أبي شيبة بسندٍ صحيح عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهما أنهما قالا: ((لايتطوع المصلي في مكانه حتى يتكلم أو يتقدم))، وصححه ابن عبدالبر عن ابن عباس رضي الله عنه، وفي هذا الأثر إجزاء التحوُّلِ عن الكلام أو الخروج.

وظاهرُ هذه الأحاديث والآثار عدمُ التفريق بين الإمام والمأموم فهذا النهي يشمل المأموم والإمام وبهذا صرّح الشافعية واختاره البيهقي وابن رجب، وخالف جمهورُ أهل العلم كأبي حنيفه ومالك وأحمد وجعلوا الكراهة في حق الإمام فقط واستدلوا:

01 بمارواه أبو داوود في سننه عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: ((لا يصلِّ الإمامُ في الموضع الذي صلى فيه حتى يتحول)).

02 ورواه البيهقي في سننه عن علي رضي الله عنه من قوله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير