1 - العبارة في نواقض الطهارة الصغرى لا الكبرى.
2 - نقل ابن قدامة في المغني عنه.
3 - ذكره الإجماع في كتاب الأوسط (1/ 134)، حيث قال: " ولست أعلم في وجوب الوضوء منه اختلافا بين أهل العلم ".
ومما سبق يظهر أن كلا من الإمامين ابن قدامة وابن المنذر - رحم الله الجميع - نقل الإجماع.
وقال ابن عبد البر - رحمه الله - في التمهيد: " وهو موضع إجماع لا خلاف بين المسلمين في إيجاب الوضوء منه وإيجاب غسله لنجاسته."
وقال ابن حزم - رحمه الله - في المراتب: " واتفقوا على أن ما عدا ما ذكرنا وما عدا مس المرأة الرجل والرجل المرأة بأي عضو تماسا وكيفما تماسا وما عدا مس الفرج والدبر والذكر والابط ومس الصليب ومس الابط والاوثان والكلمة القبيحة ونظرة الشهوة وخروج الدم حيثما خرج وذبح الحيوان وماء المدة والقيئ والقلس والقيح وقلع الضرس وانشاد الشعر والضحك في الصلاة وقرقرة البطن في الصلاة وأكل ما مست النار أو شربه ولحوم الابل وكل شيء منها والنوم والمذي والودي أو لمسا على ثوب أو غير ثوب لشهوة أو شيئا خرج من أحد المخرجين من دود أو حصى أو غير ذلك أو شيء قطر فيهما أو أدخل أو رجيعا أو بولا أو منيا خرج من غير مخرجه المعهود أو حلق شعره أو قص ظفر أو خلع خف مسح عليه أو عمامة كذلك أو كلمة عوراء أو أذى مسلم أو حمل ميت أو وطء نجاسة رطبة فانه لا يوجب وضوءا ".
وقال ابن رشد - رحمه الله - في البداية: " واتفقوا في هذا الباب على انتقاض الوضوء من البول والغائط والريح والمذي والودي لصحة الآثار في ذلك إذا كان خروجها على وجه الصحة ".
وقال البغوي - رحمه الله - في شرح السنة: " واتفقوا على نجاسة المذي والودي كالدم ... ".
وهذا بخلاف مَن ذكرتم من العلماء كالشوكاني وغيره - رحم الله الجميع -.
وأما ما نقلتموه (قال ابن قدامة - رحمه الله - في المغني (1
413): «وروي عن أحمد –رحمه الله– "أنه (أي المذي) بمنزلة المني" (أي كلاهما طاهر). قال –في رواية محمد بن الحكم– إنه سأل أبا عبد الله (الإمام أحمد) عن المذي أشد أو المني؟ قال (الإمام): "هما سواء: ليسا من مخرج البول، إنما هما من الصلب والترائب، كما قال ابن عباس: هو عندي بمنزلة البصاق والمخاط". وذكر ابن عقيل نحو هذا. وعلّل بأن المذي جزء من المني، لأن سببهما جميعا الشهوة، ولأنه خارج تحلله الشهوة أشبه المني».).
ففيه ما يلي من الملاحظات:
1 - رواية محمد بن الحكم - رحمه الله - (على فرض صحتها) غير صريحة في المراد، كما هو ظاهر العبارة في الإنصاف وغيره، قال في الإنصاف: " وعنه ما يدل على طهارته ... ".
2 - ورد عن محمد بن الحكم - رحمه الله - ما يخالف ذلك، أورده ابن قدامه - طيب الله ثراه - بعد كلمات يسيرات من النقل الذي نقلتموه، قال ابن قدامة - رحمه الله تعالى -: " ثم اختلف عن أحمد: هل يجزئ فيه النضح، أو يجب غسله؟، قال في رواية محمد بن الحكم: المذي يرش عليه الماء، أذهب إلى حديث سهل بن حنيف ليس يدفعه شيء، وإن كان حديثا واحدا ".
3 - ثم قال - رحمه الله -: " وقال الأثرم: قلت لأبي عبد الله حديث سهل بن حنيف في المذي، ما تقول فيه؟ قال: الذي يرويه ابن إسحاق؟ قلت: نعم.
قال: لا أعلم شيئا يخالفه.
وهو ما روى سهل بن حنيف، قال {: كنت ألقى من المذي شدة وعناء، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يجزئك منه الوضوء.
قلت: فكيف بما أصاب ثوبي منه؟ قال: يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتنضح به حيث ترى أنه أصاب منه}، قال الترمذي: هذا حديث صحيح ".
4 - ثم قال -رحمه الله تعالى -: "وروي عنه وجوب غسله، قال محمد بن داود سألت أبا عبد الله عن المذي يصيب الثوب، كيف العمل فيه؟ قال: الغسل ليس في القلب منه شيء.
وقال: حديث محمد بن إسحاق ربما تهيبته. ".
وقال أيضا -رحمه الله -: " قال أحمد: حديث محمد بن إسحاق لا أعرفه عن غيره، ولا أحكم لمحمد بن إسحاق، وربما تهيبته."
وفي المسائل لعبد الله بن أحمد - رحم الله الجميع -: " قلت لأبي: المذي يصيب الثوب،
قال: حديث محمد بن إسحاق لا أعرفه عن غيره، ولا أحكم لمحمد بن إسحاق - يعني حديث سهل بن حنيف -، وغسل المني من الثوب أحوط وأثبت في الرواية، وقد جاء الفرك أيضا ".
وقول الإمام أحمد - برد الله مضجعه -: " .. وربما تهيبته " على سبيل الورع، لا لرد الرواية.
قال ابن قدامة في المغني (عند الحديث عن إجارة الأرض بالورق): " وقد روي عن أحمد، أنه قال: ربما تهيبته، قال القاضي: هذا من أحمد على سبيل الورع، ومذهبه الجواز ... ".
4 - وقال ابن قدامة - رحمه الله تعالى - في موضع آخر: " وروي عنه في المذي أنه قال: يغسل ما أصاب الثوب منه، إلا أن يكون يسيرا.
وروى الخلال، بإسناده قال: سئل سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وأبو سلمة بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار عن المذي يخرج، فكلهم قال: إنه بمنزلة القرحة، فما علمت منه فاغسله، وما غلبك منه فدعه، ولأنه يخرج من الشباب كثيرا، فيشق التحرز منه، فعفي عن يسيره، كالدم. ".
وأما قولكم - سلمكم الله -: " قال ابن حجر في الفتح: «وخرج ابن عقيل الحنبلي من قول بعضهم: "إن المذي من أجزاء المني" رواية بطهارته. وتعقب بأنه لو كان منياً لوجب الغسل منه». قلت: هذا تعقبٌ ضعيفٌ لأنه لم يقل أحدٌ أن المذي كالمني، وإنما المذي جزء من أجزاء المني.".
نوافقكم - سلمكم الله - على الأول، ولا نوافقكم على الثانية، وما الدليل عل ذلك؟.
بل إن كليهما يختلف عن الآخر، وعند اشتداد الشهوة ينقطع المذي ويخرج المني، قال ابن قدامة - طيب الله ثراه -: " ... ؛ فإن الشهوة إذا اشتدت خرج المني دون المذي ... "، ويُرَاجع كلام شيخ الإسلام المذكور في مشاركتي السابقة.
يتبع - إن شاء الله تعالى -.
¥