[مسألة في ألفاظ القذف: (يا فاعلا بأمه)]
ـ[خالد المحايد]ــــــــ[20 - 11 - 10, 07:40 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه، ووكيع في أخبار القضاة وغيرهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنه جلد سلمة بن المجنون حد القذف بقوله لرجل: يا فاعلا بأمه.
في الحقيقة بحثت هذه المسألة في بداية الأمر على أنها من كنايات القذف حيث أن لفظ (فاعلا) يحتمل فعل الفاحشة ويحتمل غيره.
ولكن بعد تقليب الكتب وجدت ابن المنذر عرض لهذه المسألة وقال في كتابه الإشراف: روينا عن أبي هريرة أنه جلد رجلا قال لآخر: يا نائك أمه. وبه قال أبو ثور.
ثم قال: وإذا قال: فعلتُ بأمك، يعني القاذف أنه فعلت ذلك، فلا حد عليه، في قول أبي ثور.
وقال أصحاب الرأي: لا حد عليه في الوجهين جميعا.
قال أبوبكر: قول أبي ثور حسن. أ هـ
فإعدت البحث عنها من جديد ووجدت الحنابلة تطرقوا لهذه اللفظة حيث جاء في كشاف القناع: إن قال لرجل: زنيت َ بفلانة، أو قال لها: زنى بك فلان أو قال: يا ابن الزانيين. كان قذفا لهما بكلمة واحدة فيحد لهما حداً واحداً بطلبهما أو طلب أحدهما.
وإن قال: يا ناكح أمه، وهي حية، فعليه حدان، نصا. ثم قال: ويحتاج لتحرير الفرق بينهما وبين التي قبلها. أ هـ
وتطرق ابن قدامة لهذه المسألة فقال في المغني:
وإن قال لرجل: زنيت بفلانة كان قاذفا لهما وقد نقل عن أبي عبد الله , أنه سئل عن رجل قال لرجل: يا ناكح أمه ما عليه؟ قال: إن كانت أمه حية فعليه الحد للرجل ولأمه حد وقال مهنا: سألت أبا عبد الله: إذا قال الرجل لرجل: يا زاني ابن الزاني قال عليه حدان قلت: أبلغك في هذا شيء؟ قال: مكحول قال: فيه حدان وإن أقر إنسان أنه زنى بامرأة , فهو قاذف لها سواء ألزمه حد الزنا بإقراره أو لم يلزمه وبهذا قال ابن المنذر وأبو ثور ويشبه مذهب الشافعي وقال أبو حنيفة: لا يلزمه حد القذف لأنه يتصور منه الزنا بها من غير زناها لاحتمال أن تكون مكرهة , أو موطوءة بشبهة ولنا ما روى ابن عباس (أن رجلا من بكر بن ليث أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات فجلده مائة , وكان بكرا ثم سأله البينة على المرأة فقالت: كذب والله يا رسول الله فجلده حد الفرية ثمانين) والاحتمال الذي ذكره لا ينفي الحد , بدليل ما لو قال: يا نائك أمه فإنه يلزمه الحد مع احتمال أن يكون فعل ذلك بشبهة وقد روي عن أبي هريرة أنه جلد رجل قال لرجل ذلك ويتخرج لنا مثل قول أبي حنيفة , بناء على ما إذا قال لامرأته: يا زانية فقالت: بك زنيت فإن أصحابنا قالوا: لا حد عليها في قولها: بك زنيت لاحتمال وجود الزنا به مع كونه واطئا بشبهة ولا يجب الحد عليه لتصديقها إياه وقال الشافعي: عليه الحد دونها وليس هذا بإقرار صحيح ولنا أنها صدقته , فلم يلزمه حد كما لو قالت: صدقت ولو قال: يا زانية قالت: أنت أزنى مني فقال أبو بكر: هي كالتي قبلها في سقوط الحد عنه ويلزمها له ها هنا حد القذف بخلاف التي قبلها لأنها أضافت إليه الزنا , وفي التي قبلها أضافته إلى نفسها.
وقال في موضع آخر:
وإذا قال لرجل: يا ابن الزانيين فهو قاذف لهما بكلمة واحدة , فإن كانا ميتين ثبت الحق لولدهما ولم يجب إلا حد واحد , وجها واحدا وإن قال: يا زاني ابن الزاني فهو قذف لهما بكلمتين فإن كان أبوه حيا فلكل واحد منهما حد , وإن كان ميتا فالظاهر في المذهب أنه لا يجب الحد بقذفه وإن قال: يا زاني ابن الزانية وكانت أمه في الحياة فلكل واحد حد , وإن كانت ميتة فالقذفان جميعا له وإن قال: زنيت بفلانة فهو قذف لهما بكلمة واحدة وكذلك إذا قال: يا ناكح أمه ويخرج فيه الروايات الثلاث - والله أعلم -.
وفي كتاب المسائل الفقهية للقاضي أبي يعلى:
قذف الجماعة بكلمة واحدة:
150 ـ مسألة: إذا قذف جماعة نسوة أو جماعة رجال قذفاً واحداً بكلمة واحدة، فهل يجب عليه حد واحد أم حدود؟
نقل أبو الحارث، والفضل، وأبو طالب، ويعقوب بن بختان، ومهنا، وعبد الله: عليه حد واحد وإن تفرقوا لأنها كلمة واحدة، وإن قذفهم متفرقين حد لكل واحد حداً فقد نص على أن عليه حداً واحداً سواء طالبوا بالحد متفرقين أو مجتمعين.
ونقل أبو الصقر عنه فيمن قال: يا ناكح أمه، يحد للرجل حداً ولأمة حداً فقد أوجب حدين بكلمة واحدة سواء طالبوا جميعاً أو متفرقين.
السؤال هل نص أصحاب الذاهب الأربعة غير الحنابلة على هذه المسألة؟
وإذا لم ينص عليها هل تخرّج على أنها قذف الجماعة بكلمة واحدة، أم على أنها من كنايات القذف؟
وجزاكم الله خيرا
ـ[خالد المحايد]ــــــــ[24 - 11 - 10, 01:16 م]ـ
هل من مدارس ومفيد في هذه المسألة