تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تَخَطِّي الرِّقَابِ؟

ـ[زكرياء توناني]ــــــــ[17 - 10 - 10, 12:45 ص]ـ

كُنْتُ أُذَاكرُ الدُّرَرَ الْبَهِيَّةَ للشَّوْكَانِيِّ، وأُقَيِّدُ ما أُحَضِّرُهُ؛ مِن ذلكَ ما قاله الشَّوْكانِيُّ رحمه اللهُ في: (بَابِ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ): (وَعَلَى مَنْ حَضَرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ).

* فممَّا قيَّدْتُهُ وذَاكَرتُ به؛ ما يَأْتِي:

قولُهُ: (وَعَلَى مَنْ حَضَرَهَا أَنْ لَا يَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ) إلَّا إذَا كانَ إمَامًا؛ وقيَّده ابنُ رجَبٍ بما إذا لَمْ يَتمَكَّن مِن الوصولِ إلى مكانِه إلَّا بالتَّخطِّي.

لحديثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُسْرٍ قالَ: جاءَ رجُلٌ يَتَخَطَّى رقَابَ النَّاسِ يومَ الجُمُعةِ، والنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يخْطُب، فقالَ لهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ)، وهو صحِيحٌ كما في صَحيحِ التَّرغيبِ.

وعَدَّهُ ابْنُ الْقَيِّمِ مِن الكَبَائِرِ، والنَّوَوِيُّ ذكَرَ أنَّه حرَامٌ.

* وجاء في الْبُخَارِيِّ: (فَلاَ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ)؛ والتَّفرقةُ بينَ الاثْنَيْنِ، تَشْمَلُ أمورًا:

1 – القُعُود بينَهما، فلا يُزَاحِم رَجُلَيْنِ فيدخُل بينَهُما، لأنَّه ربَّما ضيَّقَ علَيْهِما؛ خصُوصًا في شدَّة الحرِّ، واجتماعِ الأنفاسِ، والمسافةُ بينَهُما لا تتحمَّلُ شخْصًا إضافِيًّا.

قال ابْنُ رَجَبٍ في فَتْحِ الباري: (فإنْ كان ذلكَ مِن غيرِ تضْيِيقٍ علَيْهِما ولا دَفْعٍ ولا أذًى، مثلُ أن يكونَ بينَهُما فُرجَةٌ، فإنَّه يجوزُ، بل يُسْتحَبُّ؛ لأنَّه مأمورٌ بسَدِّ الْخَلَلِ في الصَّفِّ، وإلَّا فهو منهيٌّ عنه، إلَّا أن يأذنَا في ذلكَ).

2 – إخراجُ أحدِهِما والقعودُ مكانَه، لما في الْبُخَارِيِّ عن نَافِعٍ عن ابْنِ عُمَرَ قال: (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَأَنْ يُقِيمَ الرَّجُلُ أَخَاهُ مِنْ مَقْعَدِهِ وَيَجْلِسَ فِيهِ) قيلَ لِنَافِعٍ: الْجُمُعَةَ؟ قَالَ: الْجُمُعَةَ وَغَيْرَهَا.

3 – أنْ يتخَطَّاهُما، ويتجَاوزَهُما إلى صفٍّ مُتقدِّمٍ؛ وفي التَّخطِّي زيادةُ رفْعِ رِجْلَيْهِ فوق رؤُوسِهما وأكْتافِهِما، وربَّما تعلَّق بثيابِهما شيءٌ ممَّا برِجْليْهِ؛ قاله ابْنُ حجَرٍ في الفَتْحِ.

والنَّهيُ عن التَّخطِّي عامٌّ في أثناءِ الخُطبةِ وقبْلَها؛ وفي أثنَائها أشَدُّ.

* فَرْعٌ: يجوزُ التَّخطِّي لعُذْرٍ.

1 – إذا وُجِدت الحاجةُ للتَّخطِّي جازَ، لِما في الْبُخَارِيِّ عَنْ عُقْبَةَ قَالَ: صَلَّيْتُ وَرَاءَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الْعَصْرَ، فَسَلَّمَ، ثُمَّ قَامَ مُسْرِعًا، فَتَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ إِلَى بَعْضِ حُجَرِ نِسَائِهِ، فَفَزِعَ النَّاسُ مِنْ سُرْعَتِهِ فَخَرَجَ عَلَيْهِمْ، فَرَأَى أَنَّهُمْ عَجِبُوا مِنْ سُرْعَتِهِ؛ فَقَالَ: (ذَكَرْتُ شَيْئًا مِنْ تِبْرٍ عِنْدَنَا؛ فَكَرِهْتُ أَنْ يَحْبِسَنِي، فَأَمَرْتُ بِقِسْمَتِهِ).

قال ابْنُ حجَرٍ: (وَفِي الْحَدِيث: أَنَّ الْمُكْث بَعْد الصَّلَاة لَيْسَ بِوَاجِبٍ، وَأَنَّ التَّخَطِّي لِلْحَاجَةِ مُبَاحٌ).

* وقال ابْنُ قُدَامَةَ: (إذَا جَلَسَ فِي مَكَان، ثُمَّ بَدَتْ لَهُ حَاجَةٌ، أَوْ احْتَاجَ إلَى الْوُضُوءِ، فَلَهُ الْخُرُوجُ ....... فَإِذَا قَامَ مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ رَجَعَ إلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ).

2 – وُجودُ فُرجةٍ في الْمكانِ الْمُتقِّدمِ، ولا يُوصَل إليها إلَّا بالتَّخطِّي.

قَالَ أَحْمَدُ: يَدْخُلُ الرَّجُلُ مَا اسْتَطَاعَ، وَلَا يَدَعُ بَيْنَ يَدَيْهِ مَوْضِعًا فَارِغًا، فَإِنْ جَهِلَ فَتَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَالِيًا فَلْيَتَخَطَّ الَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ، وَيَتَجَاوَزْهُ إلَى الْمَوْضِعِ الْخَالِي، فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لِمَنْ تَرَكَ بَيْنَ يَدَيْهِ خَالِيًا، وَقَعَدَ فِي غَيْرِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: تَخَطُّوا رِقَابَ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ، فَإِنَّهُ لَا حُرْمَةَ لَهُمْ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير