تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ميزة قواعد أهل الحديث]

ـ[أبو عبد الله التميمي]ــــــــ[08 - 12 - 10, 05:12 م]ـ

[ميزة قواعد أهل الحديث]

الشيخ/ عبدالرحمن الحجيّ

من علامات الرسوخ في العلم -التي تميز بها أهل الحديث-: جمع المسائل الكثيرة المتناثرة في قاعدة واحدة أو ضابط واحد، وهذا من بركة الكلام.

وما كان كذلك؛ فهو سيد الكلام وأعلاه؛ ولذا وصف الله سبحانه كلامه بالبركة، فقال تعالى: ?كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الأَلْبَابِ?.

ومن معاني البركة فيه: أن الآية لفظها بليغ موجز، ولم تزل الأجيال تِلوَ الأجيال تستخرج المعاني منها -ولم تنفد أو تقارب-؛ ولذلك لا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ...

وهذه آية واحدة: مَن عقلها وعرف معناها؛ لم يشكل عليه من أحكام الأموال شيء؛ وهي قول الله تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ?.

وآية أخرى: من عقلها لم يَفُتْه من أحكام الإسلام شيء، وهي قوله تعالى: ?إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ?.

ومن الأمثلة على هذه البركة: ما ذكره الله تعالى -عن صاحب مدين أنه قال لموسى عليه السلام-: ?إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ?.

ففي هذه الآية من الأحكام الفقهية -فضلاً عن غيرها- ما يلي:

1 - اشتراط الولي في النكاح. مأخوذ من قوله: ?أُنْكِحَكَ?.

2 - أن الأب مقدم في الولاية. مأخوذ من قوله: ?ابْنَتَيَّ?.

3 - اشتراط رضا الولي. مأخوذ من قوله: ?أُرِيدُ?.

4 - عرض الولي موليته على الأكفاء.

5 - لا تشترط طول المعرفة بعد توسّم الصلاح والتقوى.

6 - عدم الجمع بين الأختين. مأخوذ من قوله: ?إِحْدَى?.

7 - اشتراط تعيين المعقود عليها. مأخوذ من قوله: ?هَاتَيْنِ?.

8 - نظر الخاطب إلى المخطوبة. مأخوذ من قوله: ?هَاتَيْنِ?.

9 - جواز نظر الخاطب لأكثر من واحدة سويًّا، إذا كان عازماً.

10 - رضا الزوجة. مأخوذ من سماعهما وسكوتهما.

11 - عقد العقد بلفظ النكاح. مأخوذ من قوله: ?أُنْكِحَكَ?.

12 - اشتراط الصداق، مأخوذ من قوله: ?عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي?.

13 - صحة الصداق المؤجَّل والمقسَّط.

14 - صحة الصداق ذي المنفعة المشتركة بين الولي والزوجة.

15 - صحة الصداق بالتخيير، يقول: «كذا أو كذا».

16 - صحة الصداق بالمنافع.

17 - عرض أمرٍ فاضل على العاقد، وترك الخيار له في فعله أو عدم فعله.

18 - أن النكاح سنة المرسلين.

19 - ذهاب عشر سنوات مِن عُمر موسى عليه السلام في مهر امرأة.

20 - أن الواجب على المستأجِر ألا يشق على الأجير، ولا يكلفه فوق طاقته.

21 - أن الأفضل إخبار الأجير بعدم المشقة عليه؛ تطييباً لخاطره.

22 - تعليق الأمور المستقبلة بالمشيئة.

23 - جواز تزكية الإنسان نفسه؛ للمصلحة الراجحة -كما لو تحدث مع قوم لا يعرفونه-.

24 - أن شرطي الولاية: القوة والأمانة.

25 - التأكد من الأجير قبل التعاقد معه، مأخوذ من قول البنتين: ?يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ?.

26 - جواز العقد على أجلين: أحدهما لازم، والآخر فَضْل.

27 - جواز الزيادة في المهور. فإن أجرة عشرة سنوات كثيرة.

28 - أن الإجارة بالطعام -والكسوة والمهر-: صحيحة. خلافاً لمن منعها بحجة الغرر.

29 - أن مهنة رعي الغنم لا نقص فيها -بل هي كمال-؛ لذلك عملها كل الأنبياء.

30 - أن موسى قضى أطيب الأجلين لنفسه ونفس صاحبه، وهذا غاية السماحة.

وما بقي في الآية أضعاف أضعاف ما ذكر.

والأمثلة من القرآن لا تحصر.

وهكذا كلام رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- ...

فقد حدث عن نفسه فقال: «بُعِثْتُ بِجَوَامِعِ الْكَلِمِ» متفق عليه [البخاري (6611)، ومسلم (523)].

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير