تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعن أبي هريرة رضي الله عنه الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ينزل ربنا كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له)) [32].

3 - اقتران الاستغفار بالتوبة:

يقول الله تعالى: {وَأَنِ ?سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُمَتّعْكُمْ مَّتَاعًا حَسَنًا إِلَى? أَجَلٍ مُّسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} [هود:3]، ويقول عز وجل: {وَ?سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ إِنَّ رَبّى رَحِيمٌ وَدُودٌ} [هود:90]، ويقول سبحانه: {وَي?قَوْمِ ?سْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ ?لسَّمَاء عَلَيْكُمْ مّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى? قُوَّتِكُمْ} [هود:52].

أما من السنة النبوية:

فعن أبي هريرة رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة)) [33].

وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: كانت تُعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة من قبل أن يقوم: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور [34].

أقوال العلماء في الفرق الاستغفار بين التوبة:

إذا اقترن ذكر التوبة بالاستغفار فإن الاستغفار حينئذ هو طلب المغفرة بالدعاء، والتوبة هي الندم على الخطيئة مع العزم على ترك المعاودة [35].

وقيل: إن الاستغفار إذا اقترن بالتوبة فإنه يعني طلب وقاية شر ما مضى، والتوبة الرجوع وطلب وقاية شر ما يخافه في المستقبل من سيئات أعماله، وأيضاً فالاستغفار من باب إزالة الضرر، والتوبة طلب جلب المنفعة، فالمغفرة أن يقية شر الذنب، والتوبة أن تحصل له بعدها الوقاية مما يحبه [36].

وإذا أفرد الاستغفار أو أفردت التوبة يكون معناهما واحدا، قال ابن القيم: "الاستغفار المفرد كالتوبة، بل هو التوبة بعينها مع تضمنه طلب المغفرة من الله، وهو محو الذنب وإزالة أثره ووقاية شره، لا كما يظنه بعض الناس أن المغفرة تعني الستر، فإن الله يستر على من يغفر له، ومن لا يغفر له ولكن الستر لازم مسماها أو جزؤه" [37].

ثانياً: علاقة الإنابة بالتوبة:

الإنابة كالتوبة في أنها تعني الرجوع، يقول ابن منظور: "الإنابة الرجوع إلى الله بالتوبة" [38].

لكن بعض العلماء كالراغب الأصفهاني وابن القيم والماوردي وابن منظور والجوهري يرون أن للإنابة معنىً زائداً عن التوبة.

يقول ابن القيم رحمه الله: "من نزل في التوبة وقام مقامها نزل في جميع منازل الإسلام فإن التوبة الكاملة متضمنة لها، وهي متدرجة فيها، فإذا استقرت قدمه في منزل التوبة نزل بعده منزل الإنابة" [39].

ثالثاً: علاقة الأوبة بالتوبة:

الأوبة تفيد معنى الرجوع كالتوبة، يقول ابن منظور: "الأوب: الرجوع، آب إلى الشيء رجع، يؤوب أوباً وإياباً وأوبة وأيبة" [40].

ويقول الزبيدي: "الأوبة: الرجوع، وآب الشيء رجع، وأواب وتأوب وأيب كله: رجع) [41].

فإذاً مادة (أوب) تفيد الرجوع وهي أصل التوبة فالعلاقة بين الأوبة والتوبة واضحة في كونهما يفيدان الرجوع والخضوع.


[1] ترتيب لسان العرب (2/ 61) باختصار وتصرف.

[2] الحديث أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم (3551) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

[3] تهذيب اللغة (14/ 332)، وانظر: المصباح المنبر في غريب الشرح الكبير (78)، والمفردات للراغب الأصفهاني (72)، ومعجم مقاييس اللغة لابن فارس (1/ 357)، وأساس البلاغة (40).

[4] انظر: تفسير الرازي (3/ 22)، الجامع لأحكام القرآن (1/ 325)، روح المعاني (1/ 237 - 238)، تفسير التحرير والتنوير (1/ 439).

[5] انظر: فتح الباري شرح صحيح البخاري (11/ 107).

[6] تفسير ابن جرير الطبري (1/ 283).

[7] الجامع لأحكام القرآن (5/ 91).

[8] المفردات (72).

[9] فتح الباري (11/ 103).

[10] تفسير ابن كثير (4/ 392)، وللاستزادة انظر: التعريفات للجرجاني (95).

[11] التوبة في ضوء القرآن الكريم د. آمال نصير (21).

[12] انظر: مقاييس اللغة (4/ 385).

[13] لسان العرب (10/ 91).

[14] المفردات (374).

[15] نضرة النعيم (2/ 252).

[16] مقاييس اللغة (5/ 367).

[17] المعجم الوسيط (2/ 961).

[18] المفردات (نوب) (529).

[19] النهاية في غريب الحديث والأثر (5/ 123).

[20] الكليات (308).

[21] مدارج السالكين (1/ 467) بتصرف.

[22] أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير باب ما يقول إذا رجع من الغزو (3085)، ومسلم في كتاب الحج باب إذا ركب إلى سفر الحج (1342).

[23] لسان العرب (1/ 257).

[24] المعجم الوسيط (1/ 32).

[25] مقاييس اللغة (1/ 152)، وانظر: أساس البلاغة للزمخشري (12).

[26] المفردات في غريب القرآن (25).

[27] الفروق اللغوية (250) بتصرف.

[28] تفسير الطبري (10/ 591).

[29] الجامع لأحكام القرآن (15/ 215).

[30] أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب التوبة (6309).

[31] أخرجه البخاري كتاب الدعوات باب أفضل الاستغفار (6306).

[32] أخرجه البخاري في كتاب الجمعة باب: الدعاء في الصلاة من آخر الليل (1145)، ومسلم في كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب الترغيب في الدعاء والذكر في آخر الليل والإجابة (758).

[33] أخرجه البخاري في كتاب الدعوات باب استغفار النبي صلى الله عليه وسلم (6307).

[34] أخرجه الترمذي في كتاب الدعوات باب ما يقول إذا قام من المجلس (3434) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب.

[35] انظر: الفروق اللغوية (195).

[36] انظر: مدارج السالكين (1/ 308 - 309).

[37] مدارج السالكين (1/ 307 - 308).

[38] لسان العرب (14/ 319) مادة (نوب).

[39] مدارج السالكين (1/ 133 - 134).

[40] لسان العرب (1/ 257).

[41] تاج العروس من جواهر القاموس (1/ 152).
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير