قلت: بحثت عن هذا الحديث في البخاري في مظانه ولم أجده كما قال ـ رحمه الله ـ بل وجدت حديث ابن عباس في أول أبواب السترة بسنده عن ابن عباس أنه قال: أقبلت راكباً على حمار أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس بمنى إلى غير جدار فمررت بين يدي بعض الصف فنزلت وأرسلت الأتان ترتع ودخلت في الصف فلم ينكر ذلك عليَّ أحد " " أخرجه البخاري جـ1.
وقد قال الشافعي ـ رحمه الله ـ تعليقاً على هذا الحديث كما ذكره العلامة أحمد شاكر في تحقيقه لسنن الترمذي وابن حجر سبقه في فتح الباري جـ1 بنقله عن الشافعي قال " إلى غير جدار يعني ـ والله أعلم إلى غير ستره " (1) سنن الترمذي جـ1 كتاب الصلاة.
قلت: وبهذين الحديثين صرف من استحب السترة الوجوب إلى الندب وليس الأمر كما ذهبوا إليه ـ والله أعلم ـ إذ أن الحديثين الواردين أحاديث فِعلِّية وأحاديث الباب قولية فيقدم القول على الفعل كما هو معلوم من علم الأصول عند عدم معرفة المتقدم من المتأخر وإلى هذا ذهب العلامة الشوكاني في نيل الأوطار.
فقال: رحمه الله " قوله " صلى في فضاء ليس بين يديه شيء" (*) الحديث فيه ضعف كما مر.
فيه دليل على أن اتخاذ السترة غير واجب فيكون قرينة لصرف الأوامر إلى الندب ولكنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا وتلك الأوامر السابقة خاصة بالأمة فلا يصلح هذا الفعل أن يكون قرينة لصرفها (2) نيل الأوطار جـ3 صـ5.
قلت: هذا وجه وقد ذكر الألباني ـ حفظه الله ـ حديثاً وعزاه إلى ابن خزيمة في صحيحه وقال بسند جيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " لا تصل إلا إلى سترة ولا تدع أحداً يمر بين يديك فإن أبي فلتقاتله فإن معه القرين" (3) راجع صفة صلاة النبي للألباني صـ62.
وهذا الحديث حاذر كما هو ظاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " لا تصل إلا إلى سترة " فقد نهي عن الصلاة إلا إلى سترة والناظر في دليل المخالفين يجد أنه فعلي من جهة مبيح من جهة أخرى والحديث الذي بين أيدينا قولي من جهة حاذر من جهة أخرى وكما هو معلوم وعليه فإذا تحقق لدينا وجوب السترة والتحذير من تركها فعلى هذا التحقيق تُخَرَّج المسألة. وهي وجوب المشي في الصلاة لأجل لاستتار.
وبعد قليل إن شاء الله
سأذكر الأدلة على وجوب المشي نعم وجوب المشي وعدم حرمة ذلك إذا ما تيسرت السترة.
وسيكون تحت عنوان القول بوجوب المشي في الصلاة لأجل لاستتار
إن شاء الله وبارك الله فيكم وفي نقدكم البناء إذا قدمتوه لي.
ـ[الرايه]ــــــــ[05 - 12 - 03, 04:52 م]ـ
جمهور العلماء على أنها مستحبة…
قال ابن عابدين الحنفي (صرح في المنية بكراهة تركها، وهي تنزيهية، والصارف للأمر عن حقيقته ما رواه أبو داود عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في بادية لنا فصلى في صحراء ليس بين يديه سترة).
قال النووي الشافعي في المجموع (السنة للمصلي أن يكون بين يديه سترة ويدنو منها).
وقال ابن مفلح الحنبلي في الفروع (ويستحب إلى سترة ولو لم يخش ماراً).
ومن العلماء المعاصرين
(1) الإمام ابن باز-رحمه الله -
حيث يقول: (الصلاة إلى سترة سنة مؤكدة وليست واجبة فإن لم يجد شيئا منصوبا أجزأه الخط. . والحجة فيما ذكرنا قوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها رواه أبو داود بإسناد صحيح. وقوله صلى الله عليه وسلم: يقطع صلاة الرجل إذا لم يكن بين يديه مثل آخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود رواه مسلم في صحيحه.
وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يجد فليخط خطا ثم لا يضره من مر بين يديه رواه الإمام أحمد وابن ماجة بإسناد حسن، قاله الحافظ بن حجر في (بلوغ المرام).
وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى في بعض الأحيان إلى غير سترة، فدل على أنها ليست واجبة ويستثنى من ذلك الصلاة في المسجد الحرام فإن المصلي لا يحتاج فيه إلى سترة لما ثبت عن ابن الزبير رضي الله عنهما، أنه كان يصلي في المسجد الحرام إلى غير سترة والطواف أمامه. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يدل على ذلك لكن بإسناد ضعيف، ولأن المسجد الحرام مظنة الزحام غالبا، وعدم القدرة على السلامة من المرور بين يدي المصلي، فسقطت شرعية ذلك لما تقدم ويلحق بذلك المسجد النبوي في وقت الزحام وهكذا غيره من أماكن الزحام عملا بقول الله عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله صلى الله عليه وسلم: إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم متفق على صحته)
مجموع فتاواه المجلد الحادي عشر
2) الشيخ ابن عثيمين…- رحمه الله –
يقول: (السترة في الصلاة سنة مؤكدة الا للماموم فان الماموم لا يسن له اتخاذ سترة اكتفاء بسترة الإمام)
فتاوى أركان الاسلام – صفحة 343، سؤال رقم:267
3) الشيخ د. صالح الفوزان…حفظه الله
يقول (فاتِّخاذ السترة مستحب في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم؛ فإن سترة الإمام تعتبر سترة له؛ فلا يحتاج إلى اتخاذ سترة خاصة)
الفتوى رقم 16559 من موقع الشيخ على الإنترنت.
4) الشيخ سلمان العودة…حفظه الله
يقول (سترة المصلي مستحبة في حق الإمام والمنفرد، وليست واجبة عند جماهير أهل العلم،
وفي البخاري (76) "أن النبي – صلى الله عليه وسلم - صلى بمنى إلى غير جدار"
والراجح في تفسيره: إلى غير سترة، فإن نفي الجدار مع قصد ثبوت غيره لا معنى له؛ لأن السترة ليست الجدار، أو هو الأفضل فيها)
اما من قال بوجوبها
فهو الشيخ الالباني رحمه الله في كتابه صفة صلاة النبي صلى الله عليه و سلم
يقول:- (ويجب أن يصلي إلى سترةٍ , لا فرق في ذلك بين المسجد وغيره , ولا بين كبيره وصغيره , لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تصل إلا إلى سترةٍ , ولا تدع أحد يمر بين يديك , فإن أبى فلُتقاتله؛ فإن معه القرين)
والله اعلم
¥