تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المغصوب لا تضمن إذا هلكت بلا تعد، وإنما هي أمانة في يد الغاصب لا تضمن إلا بالتعدي أو بالتقصير، سواء أكانت منفصلة كالولد واللبن والثمرة، أم متصلة كالسمن والجمال، لأن الغصب في رأيهما هو إثبات يد الغاصب على مال الغير على وجه يزيل يد المالك، كما تقدم بيانه، ويد المالك لم تكن ثابتة على هذه الزيادة حتى يزيلها الغاصب، والمراد أن عنصر " إزالة يد المالك " لم يتحقق هنا، كما لم يتحقق في غصب العقار. فإن تعدى الغاصب على الزيادة، بأن أتلفها أو أكلها أو باعها، أو طلبها مالكها فمنعها عنه، ضمنها، لأنه بالتعدي أو المنع صار غاصبا. وفصل المالكية في الأرجح عندهم في نوع الزيادة، فقالوا: إذا كانت الزيادة التي بفعل الله متصلة كالسمن والكبر، فلا تكون مضمونة على الغاصب، وأما إذا كانت الزيادة منفصلة، ولو نشأت من غير استعمال الغاصب كاللبن والصوف وثمر الشجر. فهي مضمونة على الغاصب إن تلفت أو استهلكت، ويجب ردها مع المغصوب الأصلي على صاحبها. أما منافع المغصوب ففيه التفصيل الآتي: ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الغاصب يضمن منفعة المغصوب، وعليه أجر المثل، سواء استوفى المنافع أم تركها تذهب، وسواء أكان المغصوب عقارا كالدار، أم منقولا كالكتاب والحلي ونحوهما؛ لأن المنفعة مال متقوم، فوجب ضمانه كالعين المغصوبة ذاتها. وذهب متقدمو الحنفية إلى أن الغاصب لا يضمن منافع ما غصبه من ركوب الدابة، وسكنى الدار، سواء استوفاها أو عطلها؛ لأن المنفعة ليست بمال عندهم؛ ولأن المنفعة الحادثة على يد الغاصب لم تكن موجودة في يد المالك، فلم يتحقق فيها معنى الغصب؛ لعدم إزالة يد المالك عنها. وأوجب متأخرو الحنفية ضمان أجر المثل في ثلاثة مواضع - والفتوى على رأيهم - وهي: أن يكون المغصوب وقفا، أو ليتيم، أو معدا للاستغلال، بأن بناه صاحبه أو اشتراه لذلك الغرض. وإن نقص المغصوب - أي ذاته - باستعمال الغاصب غرم النقصان، لاستهلاكه بعض أجزاء العين المغصوبة. وأما غلة المغصوب: فلا تطيب في رأي أبي حنيفة ومحمد للغاصب؛ لأنه لا يحل له الانتفاع بملك الغير، وقال أبو يوسف وزفر: تطيب له. وقال المالكية: للمغصوب منه غلة مغصوب مستعمل إذا استعمله الغاصب أو أكراه، سواء كان عبدا أو دابة أو أرضا أو غير ذلك على المشهور، فإذا لم يستعمل فلا شيء عليه ولو فوت على ربه استعماله، إلا إذا نشأ من غير استعمال كلبن وصوف وثمر.

ب - (الضمان):

19 - ذهب الفقهاء إلى أنه إذا تلف المغصوب في يد الغاصب أو نقص أو أتلفه، أو حدث عيب مفسد فيه، أو صنع شيء منه حتى سمي باسم آخر، كخياطة القماش، وصياغة الفضة حليا، وصناعة النحاس قدرا، وجب على الغاصب ضمانه، وحق للمالك المغصوب منه تضمينه، بأن يدفع له مثله إن كان من المثليات، وهي المكيلات كالحبوب، والموزونات كالأقطان والحديد، والذرعيات كالأقمشة، والعدديات المتقاربة كالجوز واللوز؛ لأن الواجب الأصلي في الضمانات هو المثل، لقوله تعالى: {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم} ولأن المثل أعدل، لما فيه من مراعاة الجنس والمالية، فكان أدفع للضرر وأقرب إلى الأصل، فالمثل أقرب إلى الشيء من القيمة، وهو مماثل له صورة ومعنى، فكان الإلزام به أعدل وأتم لجبران الضرر، والواجب في الضمان الاقتراب من الأصل بقدر الإمكان تعويضا للضرر، ولما روي عن {عائشة رضي الله عنها أنها قالت: ما رأيت صانعة طعام مثل صفية: أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام، فما ملكت نفسي أن كسرته، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن كفارته؟ فقال: إناء كإناء وطعام كطعام}.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير