تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكانت لمسلم، خير صاحبها بين أخذها خلا، أو مثل عصيرها إن علم قدرها وإلا فقيمتها. أما خمر غير المسلم إذا تخللت فيخير صاحبها بين أخذ قيمتها يوم الغصب، أو أخذ الخل، على المفتى به عند المالكية. وإن كان المغصوب جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ، أو كلبا مأذونا في اتخاذه مثل كلب صيد أو ماشية أو حراسة فأتلفه الغاصب، فإنه يغرم القيمة ولو لم يجز بيع الجلد أو الكلب، وأما الكلب غير المأذون فيه، فلا قيمة له.

آثار الغصب: للغصب آثار تتعلق بكل من الشيء المغصوب والغاصب والمالك المغصوب منه.

أولا - ما يلزم الغاصب:

14 - يلزم الغاصب الإثم إذا علم أنه مال الغير، ورد العين المغصوبة ما دامت قائمة، وضمانها إذا هلكت.

أ - (الإثم والتعزير):

15 - يستحق الغاصب المؤاخذة في الآخرة، إذا فعل الغصب عالما أن المغصوب مال الغير؛ لأن ذلك معصية، وارتكاب المعصية عمدا موجب للمؤاخذة، لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: {من ظلم قيد شبر من الأرض، طوقه من سبع أرضين} وصرح الحنفية والمالكية والشافعية بأنه يؤدب بالضرب والسجن غاصب مميز، صغيرا أو كبيرا؛ رعاية لحق الله تعالى ولو عفا عنه المغصوب منه، باجتهاد الحاكم؛ لدفع الفساد وإصلاح حاله وزجرا له ولأمثاله. أما غير المميز، من صغير ومجنون، فلا يعزر. فإن حدث الغصب والشخص جاهل بكون المال لغيره، بأن ظن أن الشيء ملكه فلا إثم ولا مؤاخذة عليه؛ لأنه خطأ لا مؤاخذة عليه شرعا، لقوله عليه الصلاة والسلام: {إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه}، وعليه رد العين ما دامت قائمة، والغرم إذا صارت هالكة.

ب - (رد العين المغصوبة):

16 - ذهب الفقهاء إلى أنه يجب على الغاصب رد العين المغصوبة إلى صاحبها حال قيامها ووجودها بذاتها، لقوله صلى الله عليه وسلم: {على اليد ما أخذت حتى تؤدي} وقوله أيضا: {لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا ولا جادا، ومن أخذ عصا أخيه فليردها}. وترد العين المغصوبة إلى مكان الغصب لتفاوت القيم باختلاف الأماكن. ومؤنة الرد على الغاصب؛ لأنها من ضرورات الرد، فإذا وجب عليه الرد، وجب عليه ما هو من ضروراته، كما في رد العارية. قال الكاساني: الأصل أن المالك يصير مستردا للمغصوب بإثبات يده عليه؛ لأنه صار الشيء مغصوبا بتفويت يده عنه، فإذا أثبت يده عليه فقد أعاده إلى يده، وزالت يد الغاصب عنه، إلا أن يغصبه مرة أخرى. ويبرأ الغاصب من الضمان بالرد، سواء علم المالك بحدوث الرد أم لم يعلم؛ لأن إثبات اليد على الشيء أمر حسي، لا يختلف بالعلم أو الجهل بحدوثه. فإن كان المغصوب قد فات، كأن هلك أو فقد أو هرب، رد الغاصب إلى المغصوب منه مثله إن كان له مثل، بأن كان مكيلا أو موزونا أو معدودا من الطعام والدنانير والدراهم وغير ذلك، أو قيمته إن لم يكن له مثل. كالعروض والحيوان والعقار.

ثانيا - حقوق المغصوب منه:

17 - للمالك المغصوب منه حقوق تقابل ما يلزم الغاصب من الأحكام السابقة، وهذه الحقوق هي: رد عين المغصوب والثمار والغلة، والتضمين، وحقه في الهدم والقلع لما أحدثه الغاصب في ملكه، والجمع بين أخذ القيمة والغلة.

أ - رد أو استرداد عين المغصوب وزوائده وغلته ومنافعه:

18 - ذهب الفقهاء إلى أن من حق المغصوب منه أن يرد إليه الغاصب عين ماله الذي غصبه إذا كان باقيا بحاله، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: {على اليد ما أخذت حتى تؤدي} وقوله: {لا يأخذن أحدكم متاع أخيه لاعبا أو جادا، فإذا أخذ أحدكم عصا أخيه فليردها}؛ ولأن رد عين المغصوب هو الموجب الأصلي للغصب؛ ولأن حق المغصوب منه معلق بعين ماله وماليته، ولا يتحقق ذلك إلا برده، والواجب الرد في المكان الذي غصبه؛ لتفاوت القيم بتفاوت الأماكن. وأما زوائد المغصوب ففيه التفصيل الآتي: ذهب الشافعية والحنابلة ومحمد من الحنفية إلى أن زوائد المغصوب في يد الغاصب تضمن، سواء أكانت متصلة كالسمن ونحوه، أم منفصلة كثمرة الشجرة وولد الحيوان، متى تلف شيء منها في يد الغاصب؛ لتحقق إثبات اليد العادية (الضامنة) لأنه بإمساك الأصل تسبب في إثبات يده على هذه الزوائد، وإثبات يده على الأصل محظور. ويرى أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى أن زوائد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير