تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما تسمية أهل السنة بـ (الجماعة) فهذه تسمية ثابتة لهم بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم: فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على ثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة وهي: الجماعة وإنه سيخرج في أمتي أقوام تجارى بهم تلك الأهواء كما يتجارى الكلب بصاحبه، لا يبقى منه عرف ولا مفصل إلا داخله .. " (6).

وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة " (7).

فالمقصود بالجماعة هنا أهل السنة لأنهم أتباع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهؤلاء هم جماعة المسلمين.

قال الإمام البربهاري: " والأساس الذي بينا عليه الجماعة هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم رحمهم الله أجمعين وهم أهل السنة والجماعة " (8).

2 - الفرقة الناجية:

هذا اللقب مأخوذ من مفهوم حديث افتراق الأمة السابق: حيث نص النبي صلى الله عليه وسلم على أن كل الفرق في النار إلا واحدة في الجنة، فأطلق من هذا المعنى على هذه الفرق التي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها في الجنة (الفرقة الناجية).

ويفهم من كلام بعض أهل العلم أن هذه التسمية مأخوذة من منطوق الحديث وأنه عليه الصلاة والسلام سئل عن الفرقة الناجية فذكر أوصافها:

يقول الآجري: " ثم إنه صلوات الله وسلامه عليه سئل (من الناجية؟) فقال عليه الصلاة والسلام في حديث: (ما أنا عليه وأصحابي) وفي حديث قال: (السواد الأعظم)، وفي حديث قال: (واحدة في الجنة وهي الجماعة) " (9).

ويقول شيخ الإسلام في جوابه لسؤال عن حديث افتراق الأمة: " الحمد لله .. الحديث مشهور في السنن والمسانيد كسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي، وغيرهم ... - ثم قال بعد أن ساق الحديث بنصه -: وفي رواية قالوا: يا رسول الله من الفرقة الناجية؟ قال: (من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي) وفي رواية قال: (هي الجماعة يد الله مع الجماعة) " (10).

فعلى ثبوت رواية: سؤال الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم (من الفرقة الناجية؟) تكون التسمية ثابتة بالنص من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا فهي مأخوذة من مفهوم الحديث وهذا الذي يظهر لي والله تعالى أعلم.

وقد اشتهر إطلاق هذه التسمية (الفرقة الناجية) على أهل السنة بين العام والخاص حتى إن بعض علماء السلف ضمنوها عناوين كتبهم في عرض عقيدة أهل السنة واستغنوا بها عن غيرها من مسميات أهل السنة لاشتهارها بين الناس.

3 - الطائفة المنصورة:

قد دل على استحقاق أهل السنة هذه التسمية قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه معاوية بن قرة عن أبيه: أنه صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى يوم القيامة " (11).

وفي الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون ".

وهذه الطائفة المنصورة هم أهل السنة كما نص على ذلك الأئمة: " قال البخاري: هم أهل العلم، وقال أحمد بن حنبل: إن لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري من هم، قال القاضي عياض: إنما أراد أحمد أهل السنة والجماعة ومن يعتقد مذهب أهل الحديث ".

قلت: والواقع يشهد بهذا فمن عرف التأريخ علم أن أهل السنة والجماعة هي الطائفة المنصورة فما زال الله تعالى يجدد لهم عقيدتهم (العقيدة الإسلامية) بأئمة يعودون بالناس إلى عقيدتهم الإسلامية، كلما اندثرت معالمها من أمثال الإمام أحمد بن حنبل (إمام أهل السنة) والإمام البخاري والإمام عثمان بن سعيد الدارمي وغيرهم من علماء السلف رحمهم الله تعالى لما انتشرت بدع الجهمية في التعطيل وإنكارها صفات الباري جلا وعلا، والقول بخلق القرآن وذلك في النصف الأخير من القرن الثاني وبداية القرن الثالث من الهجرة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير