تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ثم ألا يكفي في إثبات المانع أن الناس يستقبلون القبر عند الصلاة قصداً وبدون قصد، ولعل أولئك المشار إليهم وأمثالهم يقولون: لا مانع أيضاً من هذا الإستقبال لوجود فاصل بين المصلين والقبر ألا وهو نوافذ القبر وشبكته النحاسية فنقول لو كان هذا المانع كافياً في المنع لما أحاطوا القبر النبوي الشريف بجدار مرتفع مستدير ولم يكتفوا بذلك بل بنو جدارين بمنعون بهما من استقبال القبر. ولو كان وراء الجدار المستدير! وقد صح عن ابن جريج أنه قال: قلت لعطاء: أتكره أن تصلي في وسط القبور؟ أو في مسجد إلى قبر؟ قال: نعم، كان ينهى عن ذلك أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه " (1/ 404). فإذا كان هذا التابعي الجليل (عطاء بن أبي رباح) لم يعتبر جدار المسجد فاصلاً بين المصلى وبين القبر وهو خارج المسجد، فهل يعتبر فاصلا النوافذ والشبكة والقبر في المسجد؟!

فهل في هذا ما يقنع أولئك الكاتبين بجهلهم وخطئهم، وهجومهم على القول بما لا علم لهم به؟ لعل وعسى!

وأما المسجد النبوي الكريم، فلا كراهة في الصلاة فيه خلافاً لما فتروه علينا، وسيأتي تفصيل القول فيه في "الفصل السابع" إن شاء الله تعالى.

على أني لا أريد أن يفوتني أن أنبه القراء الكرام على أن أولئك الكاتبين يعترفون بكلمتهم السابقة في أن الصلاة في المسجد الذي فيه قبر غير محاط بمقصورة أنها صلاة مكروهة لانتفاء العلة التي من أجلها نفوا الكراهة عن الصلاة في مسجد بني أمية بزعمهم، فهل لهم أن يجهروا للناس باعترافهم هذا؟ أم هو شئ اضطرهم إلى القول به التهرب من معارضة الأحاديث السابقة علناً وإن كانوا لا يدعون الناس إلى العمل به لغاية لا تخفى على العقلاء؟!)، فيصلي إليه العوام، ويؤدي إلى المحذور، ثم بنوا جدارين من ركني القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا، حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر ".

ونقل الحافظ ابن رجب في "الفتح" نحوه عن القرطبي كما في "الكوكب" (65/ 91/1)، وذكر ابن تيمية في "الجواب الباهر" (ق9/ 2):

"أن الحجرة لما أدخلت إلى المسجد سُد بابها، وبني عليها حائط آخر، صيانة له - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أن يتخذ بيته عيداً، وقبره وثناً".

قلت: ومما يؤسف له أن هذا البناء قد بني عليه منذ قرون ـ إن لم يكن قد أزيل ـ تلك القبة الخضراء العالية، وأحيط القبر الشريف بالنوافذ النحاسية والزخارف والسجف، وغير ذلك مما لا يرضاه صاحب القبر نفسه صلى الله عليه وسلم، بل قد رأيت حين زرت المسجد النبوي الكريم وتشرفت بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة 1368هـ رأيت في أسفل حائط القبر الشمالي محراباً صغيراً ووراءه سدة مرتفعة عن أرض المسجد قليلاً، إشارة إلى أن هذا المكان خاص للصلاة وراء القبر! فعجبت حينئذ كيف ضلت هذه الظاهرة الوثنية قائمة في عهد دولة التوحيد! أقول هذا مع الاعتراف بأنني لم أر أحداً يأتي ذلك المكان للصلاة فيه، لشدة المراقبة من قبل الحرس الموكلين على منع الناس من يأتوا بما يخالف الشرع عند القبر الشريف، فهذا مما تشكر عليه الدولة السعودية، ولكن هذا لا يكفي ولا يشفي، وقد كنت قلت منذ ثلاث سنوات في كتابي "أحكام الجنائز وبدعها" (208من أصلي):" فالواجب الرجوع بالمسجد النبوي إلى عهده السابق، وذلك بالفصل بينه وبين القبر النبوي بحائط، يمتد من الشمال إلى الجنوب بحيث أن الداخل إلى المسجد لا يرى فيه أي محالفة لا ترضى مؤسسه صلى الله عليه وسلم، اعتقد أن هذا من الواجب على الدولة السعودية إذا كانت تريد أن تكون حامية التوحيد حقاً، وقد سمعنا أنها أمرت بتوسيع المسجد مجدداً، فلعلها تتبنى اقتراحنا هذا، وتجعل الزيادة من الجهة الغربية وغيرها، وتسد بذلك النقص الذي سيصيبه سعة المسجد إذا نفذ الاقتراح، أرجو أن يحقق الله ذلك على يدها، ومن أولى بذلك منها؟ ". (قلت أنا أبو الزهراء الشافعي: وجاء بعد هذا النقل الذي نقله الشيخ الألباني عن كتابه ((أحكام الجنائز)) في طبعة المكتب الإسلامي {{ولكن المسجد وسع منذ سنتين تقريباً دون إرجاعه إلى ما كان عليه في عهد الصحابة، والله المستعان.}}.وهذا السطر غير موجود في طبعة مكتبة المعارف للنشر والتوزيع لصاحبها سعد بن عبد الرحمن الراشد في الرياض فلماذا؟؟)}}

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير