تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو بكر بن عبدالوهاب]ــــــــ[08 - 03 - 04, 04:27 م]ـ

جزاكم الله تعالى خيرا أخي الحبيب الشيخ عبد الرحمن السديس

كلماتكم مفيدة وإن كانت على عجل

أذكر أن من نعت الأعمش بهذا هو عثمان الدارمي.

بحثت فيما مضى عما يشهد لقول الدارمي فلم أجد ما يعضده من كلام الأئمة في الأعمش أو تعليلهم لحديث من أحاديثه.

ملاحظة هامة:

كنت فيما مضى أتعجب من أمر، هو أنه يوجد عدد لا بأس به من الرواة الذين قيل فيهم يدلسون التسوية، ثم لم أجد لبعضهم حديثا قيل فيه ذلك، وبعضهم وقفت له على القليل النادر، ولله الحمد منذ مدة قرأت مقدمة جليلة للشيخ عبد الله السعد حفظه الله تعالى على كتاب (منهج المتقدمين في التدليس) للشيخ ناصر الفهد حفظه الله، فرأيت فيها ما أثلج صدري، وكان مما قال الشيخ أن هذا النوع من التدليس قليل جدا، وذكر (فيما أذكر) بقية بن الوليد وهو من المشهورين في ذلك، ثم قال وقد لا تجد له سوى حديث واحد فعل فيه هذا، وأشار إلى موضعه، ولا أذكره.

أخوكم أبو بكر ماهر بن عبد الوهاب علوش

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[08 - 03 - 04, 05:25 م]ـ

ما ذكره الشيخ الفهد من قبول حديث المدلس المعنعن بإطلاق، مردود، وإن قال به بعض السلف. وقد رددنا عليه في موضعه، فليراجع.

إمام المحدثين في العراق: شعبة، يرد جميع مرويات المدلس التي لم يصرّح فيها بالسماع ولو كان قتادة. وقد قال كما في "تاريخ ابن معين" (رواية عثمان الدارمي) (1\ 192): «كنت أتَفَطَّن إلى فَمِ قتادة: فإذا قال "حدَّثَنا"، كتبت. وإذا قال "حَدَّثَ"، لم أكتب». وقد أسند ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" (1\ 169) عن عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت شعبة يقول: «كنتُ أنظرُ الى فم قتادة: فإذا قال للحديث "حدَّثنا" عنيت به، فوقفته عليه. وإذا لم يقل "حدثنا" لم أعْنَ به».

وقال البيهقي في "المعرفة": روينا عن شعبة قال: «كفيتكم تدليس ثلاثة: الأعمش وأبي إسحاق وقتادة». قال ابن حجر في طبقات المدلسين (1\ 58): «فهذه قاعدة جيدة في أحاديث هؤلاء الثلاثة: أنها إذا جاءت من طريق شعبة، دَلّت على السماع ولو كانت معنعنة».

والأعمش معروف بكثرة التدليس، وصفه به غير واحد من العلماء، وقد جعله الحافظ ابن حجر في الطبقة الثانية من طبقات كتابه: (طبقات المدلسين)، وحقه أن يكون في الطبقة الثالثة، فإنّ الأعمش مكثرٌ من التدليس مشهورٌ به، وربما أسقط الراوي الضعيف من بين الثقتين.

قال عثمان الدارمي: سمعت يحيى، وسئل عن الرجل يُلقي الرجل الضعيف من بين ثقتين، يوصل الحديث ثقة عن ثقة، ويقول: أنقص من الحديث وأصل ثقة عن ثقة يُحَسّن الحديث بذلك؟ فقال: (لا يفعل، لعل الحديث عن كذّاب ليس بشيء، فإذا هو قد حسّنه وثَبته، ولكن يُحدّث به كما روي).

قال عثمان الدارمي: وكان الأعمش ربما فَعَلَ ذلك.

قال الحافظ ابن حجر: (ظاهر هذا تدليس التسوية، وما علمت أحداً ذكر الأعمش بذلك فَيُسْتَفَاد).

أقول: وهذا يؤكد ما قلته أن الأعمش من حقه أن يكون في الطبقة الثالثة. ولعل هذا يجيب على سؤال الأخ "بن ام عبد". لكن الوليد بن مسلم كان يكثر من تدليس التسوية، بينما الأعمش "ربما فعل ذلك". فهو مقل من تدليس التسوية، لكنه مكثر من تدليس الإسناد عن بعض مشايخه مثل مجاهد، كما سيأتي.

وقال الخطيب البغدادي ـ رحمه الله ـ: (وربما لم يسقط المدلس اسم شيخه الذي حدثه لكنه يسقط ممن بعده في الإسناد رجلا ًيكون ضعيفاً في الرواية، أو صغير السن، ويحسن الحديث بذلك، وكان سليمان الأعمش، وسفيان الثوري، وبقية بن الوليد، يفعلون مثل هذا).

وقال الحافظ أبو الفتح الأزدي: (قد كره أهل العلم بالحديث مثل: شعبة وغيرهِ التدليسَ في الحديث، وهو قبيحٌ ومهانةٌ، والتدليس على ضربين: فإن كان تدليساً عن ثقةٍ، لم يحتج أن يوقف على شيءٍ، وقُبل منه، ومن كان يدلس عن غير ثقةٍ، لم يُقبل منه الحديث إذا أرسله حتى يقول: حدثني فلان، أو سمعت، فنحن نقبل تدليس ابن عيينة، ونظرائه لأنه يحيل على ملئ ثقة، ولا نقبل من الأعمش، تدليسه لأنه يحيل على غير ملئ، والأعمشُ إذا سألته عمن هذا؟ قال: عن موسى بن طريف، وعَباية بن ربعي، وابن عيينة إذا وقفته قال: عن ابن جريج، ومعمر ونظرائهما فهذا الفرق بين التدليسين).

ولهذا نرى الإمام البخاري قد أعل خبراً يرويه الأعمش، عن سالم، مما يتعلق بالتشيع، فقال: (والأعمش لا يدرى، سمع هذا من سالم أم لا؟ حدثنا عبيد الله بن سعيد أبو قدامة، عن أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، أنّه قال: نستغفر الله من أشياء كنا نرويها على وجه التعجب، اتخذوها ديناً).

وقال عبد الله بن نمير: سمعت الأعمش يقول: حدثت بأحاديث على التعجب، فبلغني أن قوماً اتخذوها ديناً، لا عُدتُ لشيء منها).

وقد جعل الحافظ ابن حجر الأعمش في الطبقة الثالثة من كتابه:

(النكت على ابن الصلاح)، وبالطبع فهو مخالف لما في كتابه: (طبقات المدليسين)، كما سبق، ولعله لم يستحضر ما كتبه في كتابه: (النكت)، أو حصل له بعض التردد، فرأى أن بعض العلماء قد احتمل تدليسه، وبعضهم توقف فيه، ولعل ذلك وقع في شيوخه الذين أكثر عنهم الأعمش، كما قال الحافظ الذهبي:

(وهو يدلس، وربما دلّس عن ضعيفٍ، ولا يدرى به، فمتى قال: حدّثنا، فلا كلام، ومتى قال: عن، تطرق إليه احتمال التدليس إلاّ في شيوخ له أكثر عنهم: كإبراهيم، وابن أبي وائل، وأبي صالح السمّان، فإن روايته عن هذا الصنف محمولة على الاتصال).

وهاهو الحافظ ابن حجر نفسه قد أعل خبراً فيه عنعنة الأعمش، مما يبين لك أن من يقبل عنعنة الأعمش مطلقاً قد خالف منهج العلماء، قال ابن حجر في التلخيص (3\ 19):

«وأصحّ ما ورد في ذم بيع العينة، ما رواه أحمد والطبراني من طريق أبي بكر بن عياش، عن الأعمش، عن عطاء، عن ابن عمر قال: أتى علينا زمان…، صحّحه ابن القطان بعد أن أخرجه من الزهد لأحمد، كأنه لم يقف على المسند. وله طريق أخرى عند أبي داود أيضاً من طريق عطاء الخرساني، عن نافع، عن ابن عمر.

قلت: وعندي أن إسناد الحديث الذي صححه ابن القطان معلول، لأنه لا يلزم من كون رجاله ثقات أن يكون صحيحاً، لأن الأعمش مدلس ولم يذكر سماعه من عطاء».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير