وقال بشر بن الحارث الحافي: أربعة رفعهم الله بطيب المطعم؛ إبراهيم ابن أدهم، وسليمان الخواص، ووهيب بن الورد، ويوسف بن أسباط.
وروى ابن عساكر من طريق معاوية بن حفص قال: إنما سمع إبراهيم بن أدهم من منصور حديثا، فأخذ به، فساد أهل زمانه، قال: حدثنا منصور، عن ربعي
بن حراش قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله دلني على عمل يحبني الله عليه ويحبني الناس قال: "إذا أردت أن يحبك
الله فأبغض الدنيا، وإذا أردت أن يحبك الناس فما كان عندك من فضولها فانبذه إليهم"
وقال أبو بكر بن أبي الدنيا: حدثنا أبو ربيع، عن إدريس قال: جلس إبراهيم بن أدهم إلى بعض العلماء فجعلوا يتذاكرون الحديث وإبراهيم ساكت، ثم قال: حدثنا منصور. ثم سكت، فلم ينطق بحرف حتى قام من ذلك المجلس، فعاتبه بعض أصحابه في ذلك، فقال: إني لأخشى مضرة ذلك المجلس في قلبي إلى هذا اليوم.
وقال رشدين بن سعد: مر إبراهيم بن أدهم بالأوزاعي، وحوله حلقة فقال: لو أن هذه الحلقة على أبي هريرة لعجز عنهم. فقام الأوزاعي وتركهم.
وقال إبراهيم بن بشار: قيل لابن أدهم: لم لا تكتب الحديث؟ فقال: إني مشغول بثلاث؛ بالشكر على النعم، وبالاستغفار من الذنوب، وبالاستعداد للموت. ثم صاح وغشي عليه، فسمعوا هاتفا يقول: لا تدخلوا بيني وبين أوليائي.
وقال أبو حنيفة يوما لإبراهيم بن أدهم: قد رزقت من العباد شيئا صالحا، فليكن العلم من بالك؛ فإنه رأس العبادة وقوام الدين.
وقال إبراهيم بن أدهم ماذا أنعم الله على الفقراء! لا يسألهم يوم القيامة عن زكاة، ولا عن حج، ولا عن جهاد، ولا عن صلة رحم، إنما يسأل هولاء المساكين الأغنياء
وقال شفيق بن إبراهيم: لقيت ابن أدهم بالشام، وقد كنت رأيته بالعراق وبين يديه ثلاثون شاكريا. فقلت له: تركت خراسان وخرجت من نعمتك؟ فقال: قد تهنيت بالعيش هاهنا، أفر بديني من شاهق إلى شاهق، فمن يراني يقول: موسوس. أو: حمال. أو: ملاح. ثم قال: بلغني أنه يؤتى بالفقير يوم القيامة، فيوقف بين يدي الله، عز وجل، فيقول له: يا عبدي، ما لك لم تحج؟ فيقول: يا رب لم تعطني شيئا أحج به. فيقول الله، عز وجل: صدق عبدي، اذهبوا به إلى الجنة.
وعن إبراهيم بن أدهم قال: أقمت بالشام أربعا وعشرين سنة لم أجئ لجهاد ولا رباط، إنما جئت لأشبع من خبز الحلال.
وقال إبراهيم بن أدهم الحزن حزنان؛ حزن لك وحزن عليك؛ فحزنك على الآخرة وخيرها لك، وحزنك على الدنيا وزينتها عليك.
وقال: الزهد ثلاثة، واجب، ومستحب، وزهد سلامة، فالزهد في الحرام واجب، والزهد عن الشهوات الحلال مستحب، والزهد عن الشبهات سلامة.
وكان هو وأصحابه يمنعون أنفسهم الحمام والماء البارد والحذاء، ولا يجعلون في ملحهم أبزارا.
وكان إذا جلس على سفرة فيها طعام طيب رمى بطيبها إلى أصحابه، وأكل هو الخبز والزيتون.
وقال إبراهيم بن أدهم قلة الحرص والطمع تورث الصدق والورع، وكثرة الحرص والطمع تورث الغم والجزع.
وقال له رجل: هذه جبة أحب أن تقبلها مني. فقال: إن كنت غنيا قبلتها، وإن كنت فقيرا لم أقبلها. قال: أنا غني. قال: كم عندك؟ قال: ألفان. قال: تود أن تكون أربعة آلاف؟ قال: نعم. قال: فأنت فقير لا أقبلها.
وقال له رجل: لو تزوجت؟! فقال: لو أمكنني أن أطلق نفسي لطلقتها.
ومكث بمكة خمسة عشر يوما لا شيء معه، فلم يكن له زاد سوى الرمل بالماء.
وصلى بوضوء واحد خمس عشرة صلاة.
وأكل يوما على حافة الشريعة كسيرات مبلولة، وضعها بين يديه أبو يوسف الغسولي، ثم قام فشرب من الشريعة، ثم جاء فاستلقى على قفاه، وقال يا أبا يوسف، لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من النعيم لجالدونا بالسيوف أيام الحياة على ما نحن فيه من لذيذ العيش. فقال أبو يوسف طلب القوم الراحة والنعيم فأخطأوا الطريق المستقيم. فتبسم إبراهيم وقال: من أين لك هذا الكلام؟
¥