تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مرة فافعل، فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة، فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة، فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة، فإن لم تفعل ففي عمرك مرة) [د 1297، جه 1387] وفيه نكارة من وجوه:

أولا: قوله (يا عباس، يا عماه .... ) فإنه ليس في كلام النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل لذلك ولشخص بعينه.

ثانيا: أن الحديث يشعر بالخصوصية بالعباس، وليس في الشريعة حكم يختص بالشخص بعينه كما قرر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.

ثالثا: قوله (أوله وآخره) وهذه نكارة شديدة، إذ ليس فيما أعلم في الشريعة عمل يوجب غفران الذنوب أولها وآخرها، بل الوارد غفران ما تقدم من الذنوب أما ما تأخر فلم يرد صحيحا، وإن كان وردت فيه أحاديث لكنها ضعيفة، ثم مغفرة ما تأخر من الذنوب هي خصوصية من خصوصيات النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا في حديث الشفاعة يقول عيسى - عليه الصلاة و السلام -: (اذهبوا إلى محمد عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) فذكره بخصوصيته، وفي حديث الثلاثة الذين تقالوا عمل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: (إنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)، وقال تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما}.

رابعا: قوله (صغيره وكبيره) يقتضي أن هذه الصلاة خير من الصلوات المفروضة، لأن الصلوات المفروضة لا تكفر الكبائر، فكيف تكون نافلة خير من الفريضة، وفي الحديث القدسي: (وما تقرب إلى عبدي بشيء أخب إلى مما افترضته عليه).

خامسا: أن الصحيح من أقوال أهل العلم أن الكبائر لا تكفر إلا بالتوبة، وهذا الحديث يقتضي أن تلك الصلاة تكفرها؟!!

سادسا: أن الحديث يشعر أن هذه الصلاة فريضة، لأنها قال: (فإن لم تفعل ففي عمرك مرة)، وهذا خلاف ما أجمع عليه المسلمون.

سابعا: أنه ليس هناك مثال في الشريعة لمثل هذه الصلاة التي تصلى إما في كل يوم مرة، أو في كل أسبوع أو في كل شهر أو في كل سنة أو في العمر مرة، فإنها لو كانت واجبة فما هو الواجب منها، وإن كانت مسنونة فلماذا ألزمه بها ولو في العمر مرة.

ثامنا: لو كان مثل هذه الصلاة مشروعا ولها مثل ذلك الأجر لتسابق الأولون عليها تسابقا غير معتاد، ولم يرد هذا فيما أعلم، ولذلك فهي غير معروفة عند الصحابة.

تاسعا: أن هيئة هذه الصلاة مخالفة للهيئات المعتادة، ولا يثبت ذلك إلا بنص بين صحيح جدا.

فإن قيل يعترض على الوجه الثالث بأنه وردت أحاديث تفيد أن هناك أعمالا ثوابها غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب، فالجواب: أن هذه الأحاديث يحتاج إلى الوقوف على سندها، وبعد البحث وقفت على ما يسر الله لي أن أقف عليه، مع العلم أن الحافظ ابن حجر رحمه الله ألف كتابا سماه الخصال المكفرة للذنوب المقدمة والمؤخرة وسبقه إلى ذلك الحافظ المنذري، وإليك ما وقفت عليه من الأحاديث مع بيان صحتها من ضعفها:

1 - أخرج بن أبي شيبة في مسنده ومصنفه وأبو بكر المروزي في مسند عثمان والبزار عن عثمان بن عفان سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (لا يسبغ عبد الوضوء إلا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)

وهذا الحديث قال الهيثمي في المجمع [1/ 237]:" رواه البزار، ورجاله موثقون، والحديث حسن إن شاء الله "، لكن ينبغي أن ويحقق الحديث أكثر من هذا لأن الحديث في الصحيحين بلفظ آخر يشبهه بدون زيادة (وما تأخر)، ولفظه عن حمران مولى عثمان:" أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم أدخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار ثم مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثم قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه)، ثم وجدت الحديث قد حكم عليه الألباني بأنه منكر في السلسلة الضعيفة الجزء الحادي عشر برقم 5036

2 - أخرج أبو عوانة في صحيحه عن سعد بن أبي وقاص عن قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن لا إله إلا الله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وفي لفظ رسولا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير