تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حول شهر شعبان]

ـ[أبوالخيرالحنبلي]ــــــــ[19 - 09 - 03, 02:05 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد قائد الغر المحجلين، وعلى آله وأصحابه ومن سار على نهجهم واتبع سبيلهم إلى يوم الدين، أما بعد:

أخي المسلم: يستحب الإكثار من الصيام في شهر شعبان، اقتداءً بالنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، كما جاء في الحديث عن ابي سلمة قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: كان يصوم حتى نقول قد صام، ويفطر حتى نقول قد افطر، ولم أره صام من شهر قط أكثر من صيام شعبان، كان يصوم شعبان كله إلا قليلا) رواه مسلم وغيره.

وسبب إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من الصيام في هذا الشهر، جاء مبيناً في الحديث الذي رواه أسامة بن زيد رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله إني أراك تصوم في شهر ما لا أراك تصوم في شهر ما تصوم فيه، قال: أيّ شهر، قلت: شعبان، قال شعبان بين رجب وشهر رمضان، يغفل الناس عنه، ترفع له أعمال العباد فأحب ألا يرفع عملي إلا وأنا صائم). أخرجه البيهقي.

وقد وردت أحاديث في صلاة مخصوصة لليلة النصف من شعبان، وفيها من الفضائل الشيء الكثير، ولا يصح منها شيء.

قال الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتاب المجموع (3/ 549): الصلاة المعروفة بصلاة الرغائب، وهي ثنتا عشرة ركعة تصلى بين المغرب والعشاء ليلة أول جمعة في رجب، وصلاة ليلة نصف شعبان مائة ركعة، وهاتان الصلاتان بدعتان ومنكران قبيحان، ولايغتر بذكرهما في كتاب " قوت القلوب " و "احياء علوم الدين "، ولابالحديث المذكور فيهما، فان كل ذلك باطل، ولايغتر ببعض من اشتبه عليه حكمهما من الأئمة، فصنف ورقات في استحبابها، فانه غالط في ذلك. وقال الإمام الشوكاني رحمه الله في كتابه " الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة " (وقد رويت صلاة هذه الليلة ـ أعني ليلة النصف من شعبان ـ على أنحاء مختلفة، كلها باطلة موضوعة).

أخي المسلم: كلنا نرغب الخير ونرجوا بذلك الجنة، لكن كم من مريد للخير جانب بفعله الصواب، فوقع فيما حذر منه نبي الهدى صلى الله عليه وسلم، فعن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب، وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله: كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن تأمَّرَ عليكم عبد، وانَّه من يعش منكم فسيرى إختلافاً كثرا، فعليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضّوا عليها بالنواجذ، وإيّاكم ومحدثات الأمور، فإنَّ كل بدعة ضلالة) رواه أبو داو والترمذي وابن ماجه وغيرهم.

قال الشيخ العلامة المحدث محمد ناصر الدين الألباني رحمه الله تعالى في " صحيح الترغيب والترهيب " (1/ 20)

قوله: عضوا عليه بالنواجذ: أي اجتهدوا على السنة، والزموها، واحرصوا عليها، كما يلزم العاضُّ على الشيء بنواجذه خوفاً من ذهابه وتفلته). ا. هـ.

فهذا حديث عظيم يحذرنا من الابتداع في الدين، ويوصينا باتباع ما كان عليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ومن بعده من سلف الأمة من صحابته الكرام رضوان الله عليهم، الذين قاموا بالدين خير قيام. وأعلم أخي المسلم أن العبادات

توقيفية، لايدخلها الاجتهاد والرأي، فمن تعبد بعبادة لم يشرعها الله سبحانه وتعالى، ولم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بها، كانت مردودة عليه، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق عليه.

واعلم أخي المسلم: أن أوجه الخيرالتي جاء ذكرها في القرآن الكريم، والسنة الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، وفيها غِنىً لطالب الحق والخير عن الشيء الذي لم يثبت، وفعل قليل على سنة خير من كثير على بدعة،

روى الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه موقوفاً (الإقتصاد في السنة أحسن من الاجتهاد في البدعة).

واعلم أخي المسلم أنّ البدعة مردودة على صاحبها لايجوز فعلها.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير