تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[هل يجوز إطلاق لفظ (أخ) على الذمي؟]

ـ[الأزهري الأصلي]ــــــــ[22 - 09 - 03, 02:51 ص]ـ

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد:

فقد شنع بعض المستعجلين على فضيلة العلامة القرضاوي –حفظه الله-مقولته عن أقباط مصر: (إخواننا الأقباط) وقالوا كيف يجيز الأخوة بين المسلم والكافر؟!!

وقد رد الدكتور القرضاوي على هذا الأمر في الجزء الثالث من فتاوى معاصرة ص 392 طبعة دار القلم مستدلا بوصف الله تعالى للأنبياء بأنهم أخوة لقومهم مع أنهم كفروا بهم وكذبوهم وعاندوهم كما في سورة الأعراف وهود والشعراء ثم قال: (وبهذا يتبين لنا أن القرآن الكريم أقر (الأخوة غير الدينية) أي الأخوة المبنية على وحدة القوم ومثلها القائمة على وحدة الوطن فالأخوة الدينية أخص وهذه أعم ولا تنافي بين الخاص والعام. بل أقول:هناك أخوة أعم من هذه كلها وهي الأخوة البشرية العامة المؤسسة على أن جميع البشر عباد الله تعالى وأبناء لآدم كما قال النبي-صلى الله عليه وسلم-: (أيها الناس إن ربكم واحد وإن أباكم واحد) رواه أحمد) انتهى.

فهل هذا هو الدليل الوحيد على ذلك الأمر؟ وما أقوال السلف والمفسرين في تفسير الآيات التي استدل بها الدكتور على رأيه؟

ومما دفعني لتأصيل هذا الأمر أن عندنا في مصر يهنئ المسلمون الأقباط بأعيادهم ويكتبون على اللافتات (نهنئ إخواننا الأقباط ب ..... ) فهل هذا الأمر صحيح شرعا؟

*الآيات: قال تعالى: (وإلى عاد أخاهم هودا) , (وإلى ثمود أخاهم صالحا) , (وإلى مدين أخاهم شعيبا) , (كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون)

والاستثناء الوحيد في قوله تعالى عن شعيب: (كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون) وذلك لأنه لم يكن منهم بل كان من مدين.

*ماذا قال المفسرون في كلمة (أخاهم) هذه:

1 - القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن):

أ-قيل أخاهم في القبيلة (أي البلد بتعبيرنا العصري).

ب-قيل أخاهم في النسب.

ج-قيل أخوة المجانسة (أي الجنس).

د-قيل هو من قول العرب (يا أخا تميم).

,وقال في قوله تعالى (الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا):هي أخوة نسب ومجاورة لا أخوة الدين.

2 - الطبري في (جامع البيان في تأويل آيات القرآن):

(قال عكرمة: لقي المشركون أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم وقالوا: إنكم أهل كتاب، والنصارى أهل كتاب، ونحن أميون وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إن قاتلتمونا لنظهرن عليكم، فأنزل اللّه تعالى: {آلم * غلبت الروم في أدنى الأرض - إلى قوله - ينصر من يشاء} فخرج أبو بكر الصدّيق إلى الكفار فقال: أفرحتم بظهور (((إخوانكم على إخواننا)))، فلا تفرحوا ولا يقرن اللّه أعينكم، فواللّه ليظهرن اللّه الروم على فارس، أخبرنا بذلك نبينا صلى اللّه عليه وسلم، فقام إليه (أبي بن خلف) فقال: كذبت يا أبا فضيل، فقال له أبو بكر: أنت أكذب يا عدو اللّه ..... إلخ).

وذكر هذا الأثر السيوطي وابن كثير في تفسيرهما.

3 - السيوطي في (الدر المنثور في التفسير بالمأثور):

أ- هي أخوة النسب.

ب-أخرج أبو الشيخ عن مطلب بن زيادة قال: سألت عبد الله بن أبي ليلى عن اليهودي والنصراني يقال له أخ؟ قال: الأخ في الدار, ألا ترى إلى قول الله تعالى:"وإلى ثمود أخاهم صالحا".

4 - الشوكاني في (فتح القدير):

} المقصود (أي واحدا منهم أو صاحبهم أو سماه أخا لكونه ابن آدم مثلهم). {.

5 - ابن حجر في (فتح الباري):

(وسماه أخا لكونه من قبيلتهم لا من جهة أخوة الدين).

6 - عبد الرؤوف المناوي في (فيض القدير شرح الجامع الصغير للسيوطي):

في حديث (لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طلق) قال:

(وذكر لفظ الأخوة كما قال الراغب (أي الأصفهاني) حيث قال:" .... ويستعار في كل مشارك لغيره في قبيلة أو دين أو صنعة أو معاملة أو مودة أو غيرها من المناسبات ... ")

7 - شرح مسند أبي حنيفة للقاري:

في حديث (لا يستام الرجل على سوم أخيه) قال الخطابي:"الحديث يدل على جواز السوم والخطبة على سوم الكافر وخطبته لأن الله تعالى قطع الأخوة بين المسلم والكافر.

قال القاري معلقا: (وذهب الجمهور إلى منعه وقالوا: التقييد بأخيه خرج على الغالب فلا يكون له مفهوم ..... ولو أريد ما هو الأعم وهو الأخوة من جهة كونهم بني آدم لحصل المقصود ولما احتيج للتقييد .. )

8 - السرخسي في (المبسوط):

(الأخوة لفظ مشترك قد يراد به الأخوة في الدين قال تعالى:"إنما المؤمنون اخوة" وقد يراد به الاتحاد في القبيلة قال تعالى:"وإلى عاد أخاهم هودا" وقد يراد به الأخوة في النسب .... ).

9 - الزجاج وقد ذكره ابن منظور في لسان العرب ودلل عليه بأشياء كثيرة فلتراجع في مادة أخ:-

(قيل في الأنبياء "أخوهم" وإن كانوا كفرة لأنه إنما يعني أنه قد أتاهم بشر مثلهم من ولد أبيهم آدم عليه السلام وهو أرجح وجائز أن يكون أخاهم لأنه من قومهم فيكون أفهم لهم .... ).

10 - ابن حزم في (الفصل بين الملل والنحل):

ذكر ابن حزم قصة سيدنا إبراهيم وزوجته سارة عند الملك الغادر حين ذكر إبراهيم أنها أخته

فذكر ابن حزم أن إبراهيم لم يكذب لكونهما من آدم. (راجع النص هناك فإنه طويل).

الخلاصة: أنه يجوز من ناحية اللغة إطلاق كلمة (أخ) على الذمي وما سبق من أقوال العلماء يدعن هذا القول ,ولا يجوز إطلاق هذه الكلمة من الناحية الشرعية عليهم فلا أخوة شرعية إلا بين المؤمنين قال تعالى:" إنما المؤمنون إخوة ".

أعرف أن البعض-بل الكثير- سيعارض هذا الأمر وسيأتي ببعض فتاوى لعلماء أجلاء كالشيخ /ابن باز –رحمه الله- وغيره والقارئ المتأمل لفتاوى هؤلاء العلماء يجدها تتكلم عن الأخوة الشرعية التي لا تطلق إلا على المؤمن وهذا صحيح كما ذكرنا. فأرجو ممن سيرد أن يرد بأدب أولا وأن يرد على الأدلة بأدلة أقوى منها أو مثلها.

والله تعالى أعلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير