[نظرات بلاغية (أولى الأنعام)]
ـ[أنوار الأمل]ــــــــ[23 - 06 - 2005, 11:31 م]ـ
وقفات مع آيات الله تعالى لنتذوق بلاغتها جملة وكلمة وحرفاً وتركيباً.
الآية الأولى من سورة الأنعام
قال تعالى: “الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. ” (الأنعام 1).
هذه الآيات من سورة الأنعام، وهذه السورة ليس لها إلا هذا الاسم. وقد نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم جملة واحدة، وشيّعها سبعون ألف ملك بالتسبيح والتحميد. وسميت سورة الأنعام لما تكرر فيها من لفظ “الأنعام” ست مرات. وهي سورة مكية بالاتفاق.
* بين الحمد والشكر
وقد ابتدأت السورة بالحمد في قوله سبحانه: “الحمد لله” للإشعار بأن حق الحمد ليس إلا لله، لأنه الخالق المبدع. وجملة “الحمد لله” تفيد استحقاق الله تعالى الحمد وحده دون غيره، لأنها تدل على التخصيص أو القصر. واللام في كلمة “الحمد” للجنس، فدّلت على انحصار استحقاق هذا الجنس أي الحمد أو قل تخصيص مطلق الحمد لله تعالى.
والفرق بين الشكر والحمد ان الشكر هو الاعتراف بالنعمة والإقرار بها على جهة التقدير والتعظيم للمنعم والواهب، والحمد هو الاعتراف بالجميل أيضاً على جهة التعظيم، ويصح على النعمة وغير النعمة، والشكر لا يصح إلا على النعمة. والاعتماد في الشكر على ما توجبه النعمة وفي الحمد على ما توجبه الحكمة. ويجوز للانسان ان يحمد نفسه لأمور أو أفعال جليلة يفعلها، ولا يجوز ان يشكر نفسه، لأن الشكر بمثابة دَيْن يجب أداؤه، ولا يجوز ان يكون للانسان على نفسه دين.
وقد أفاد الاسم الموصول (الذي) مع صلته في قوله: “الذي خلق السماوات والأرض ... ” التذكير بعظيم صفة الخلق الذي عم السماوات والأرض وما فيهن. وفي هذا اشارة الى عظمة قدرة الله تعالى.
ومما يلحظ في الآية اختيار لفظ “الخلق” للسماوات والأرض ولفظ “الجعل” للظمات والنور، لأن في الخلق ملاحظة معنى التقدير، وفي الجعل ملاحظة معنى الانتساب، يعني كون الشيء مجعولاً مخلوقاً لأجل غيره أو منتسباً الى غيره، بعبارة أوضح نستطيع ان نقول: ان الجعل تابع للخلق أو الجعل فرع والخلق أصل. ففِعل “خَلَق” أليق بإيجاد الذوات، والفعل “جَعَل” أنسب لإيجاد أحوال الذوات ونظامها. والتفرقة بين الفعلين تعد من فصاحة الكلمات، وان لكل كلمة مع صاحبتها مقاماً.
وخصّت الظلمات والنور بالذكر قوله تعالى: “وجعل الظلمات والنور”، لاستواء جميع الناس في إدراكهما والشعور بهما. وفيهما إشارة الى ان الكفر يشبه الظلمة، لأنه انغماس في الجهالة والحيرة والضلال، والإيمان يشبه النور، لأن فيه هداية ورشاداً.
* إفراد وجمع
ومما يلحظ في هذه الآية أيضاً جمع السماوات والظلمات وإفراد الأرض والنور، فما السر في ذلك؟
تجدر الإشارة أولاً الى ان كلمتي “الأرض والنور” لم تردا في القرآن الكريم إلا مفردتين، وبيان ذلك بالتفصيل ان كلمة “الأرض” ذُكرت في القرآن احدى وستين وثلاثمائة مرة، وجاءت في مائة وستة وسبعين موضعاً في مقابلة لفظ “السماوات” مجموعة، بمعنى انه إذا جاءت “السماء” مجموعة جيء بالأرض مفردة معها في كل موضع من القرآن الكريم، ولما أريد جمع الأرض قيل: “الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن” ولعل السر في هذا هو ان إيثار المفرد في هذا الموضع انما كان لخفته وسهولة نطقه وحسن جرسه وسلاسته وهذا من ضروب الفصاحة. وهذه نفسها نعلل بها جمع لفظ “الظلمات” حيث لم يرد في القرآن إلا جمعاً، وكذلك لفظ “النور” فإنه لم يرد في لغة القرآن إلا مفرداً وذلك لخفتهما على السمع وعذوبتهما.
ولو حاولت النطق بجمع هاتين الكلمتين “الأراضي أو الأرضون، والأنوار” لتبين لك الفرق في الخفة. وعطِف قوله: “ثم الذين كفروا بربهم يعدلون” على جملة “الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض” وقد دلت “ثم” في قوله “ثم الذين كفروا” على الاستبعاد والتعجب من هؤلاء المشركين الذين عدلوا عن عبادة الله تعالى مع علمهم بأنه سبحانه هو خالق ومدبر هذا الكون. وهذا المعنى مستمد أيضاً من السياق مع ما دل عليه حرف التراخي “ثم” من ان هؤلاء الكفار على الرغم من طول مشاهدتهم لعظم قدرة الله وبديع خلقه مما ينطق بعظمته ووحدانيته وقدرته إلا انهم أشركوا به وهذا ما يتعجب منه.
والتعبير بالفعل المضارع في قوله “يعدلون” دل على استمرار كفر هؤلاء وتجدده، ومعنى “يعدلون” يسوّون.
منقول ..
يبدو أنني سأغير اسمي لأنه ثقيل:)
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 06 - 2005, 05:07 ص]ـ
ما أجمل هذا الكلام
واصلي يا أخت أنوار إمتاعنا بما تكتبين
ثم---ما المشكلة في إسمك؟؟
بالعكس فقد أوحى إلي بإسم لإبنتي المقبلة