إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[28 - 07 - 2005, 08:13 م]ـ
قال تعالى
(وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ) 120 البقرة
ما الهدى في هذه الآية الكريمة؟
هل هو البيان كما هو معناه في قوله تعالى (أولئك على هدى من ربهم)؟؟
هل هو بمعنى الدين كما في قوله (إن الهدى هدى الله)
هل هو الآيمان كما في قوله (ويزيد الله الذين اهتدوا هدى)
لننظر قبل أي شيء في مفهوم الملة--قال إبن عاشور
(والملة بكسر الميم الدين والشريعة وهي مجموع عقائد وأعمال يلتزمها طائفة من الناس يتفقون عليها وتكون جامعة لهم كطريقة يتبعونها، ويحتمل أنها مشتقة من أملَّ الكتاب فسميت الشريعة ملة لأن الرسول أو واضع الدين يعلمها للناس ويمللها عليهم كما سميت ديناً باعتبار قبول الأمة لها وطاعتهم وانقيادهم)
فالملة إذن هي الدين---ولن ترضى الطائفتان الكافرتان إلا باتبّاع دين كل منهما--فيكون معنى الهدى في جزء الآية "هُوَ الْهُدَى" ملة الإسلام ذلك الدين الصحيح فقط--فملّة النصارى ليست الهدى وملة اليهود ليست الهدى إنّما ملة الإسلام هي الهدى
لننظر في أقوال أخيارنا المفسرين
قال إبن عاشور (و {هدي الله} ما يقدره للشخص من التوفيق أي قل لهم لا أملك لكم هدى إلا أن يهديكم الله، فالقصر حقيقي.
ويجوز أن يكون المراد بهُدى الله الذي أنزله إليَّ هو الهدى يعني أن القرآن هو الهدى إبطالاً لغرورهم بأنَّ ما هم عليه من الملة هو الهدى وأن ما خالفه ضلال. والمعنى أن القرآن هو الهدى وما أنتم عليه ليس من الهدى لأن أكثره من الباطل.) ---فالهدى عند إبن عاشور هو القرآن
أمّا الطبري فقال ({إنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الهُدَى} يعني أن بيان الله هو البيان المقنع والقضاء الفاصل بيننا، فهلمّوا إلى كتاب الله وبيانه الذي بيّن فيه لعباده ما اختلفوا فيه، وهو التوراة التي تقرّون جميعا بأنها من عند الله، يتضح لكم فيها المحقّ منا من المبطل،) ---فالهدى عند الطبري بمعنى التوراة
أمّا الرازي فقال ({قُلْ إِنَّ هُدَى ?للَّهِ هُوَ ?لْهُدَى?} بمعنى أن هدى الله هو الذي يهدي إلى الإسلام وهو الهدي الحق والذي يصلح أن يسمى هدى وهو الهدى كله ليس وراءه هدى،) فعنده " هدي الله" بيان الله الذي يهدي إلى " الهدى" وهو الإسلام
والبيضاوي قلب الأمر قليلا فقال (إِنَّ هُدَى ?للَّهِ هُوَ ?لْهُدَى?} أي هدى الله الذي هو الإسلام هو الهدى إلى الحق، لا ما تدعون إليه) فجعل " هدى الله" بمعنى الإسلام وأن: الهدى: الثانية هي الهدى إلى الحق
والحقيقة أنا أكثر اقتناعا بالقول القائل بأنّ هدى الله الأولى بمعنى بيانه---وأنّ الهدى الثانية بمعنى ملة الإسلام بدلالة قوله " حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ "
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 12:20 ص]ـ
الأخ الحبيب جمال ..
لقد لفت انتباهي أن في آية البقرة: " وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ " (البقرة: 120)، جاء التعبير بتقديم " هُدَى اللّهِ " على " هُوَ الْهُدَى ".
وكذلك جاء التعبير في سورة الأنعام، قال تعالى: " قُلْ أَنَدْعُو مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُنَا وَلاَ يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَىَ وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ " (الأنعام: 71)، حيث قدّم فيها " هُدَى اللّهِ " على " هُوَ الْهُدَى ".
¥