تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[14 - 08 - 2005, 08:20 م]ـ

:::

قال تعالى

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الخُسْرَانُ المُبِينُ) 11 الحج

ما المقصود في قوله تعالى "يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ "؟

الجواب أن بقية الآية بينت المقصود " فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ "

إذن معنى ألآية أن دينهم متقلب غير ثابت يذوي ويضمحل مع أول امتحان.

ولقد روي أن بعض الأعراب كان إذا آمن وانتقل إلى المدينة فأصاب خيرا سعد بآيمانه--وإذا لم يصب نعمة أو خيرا ترك الإسلام--فجاءت هذه الآية تصف حالهم

ويحصل أحيانا آيمان لغرض دنيوي كالزواج---فبعض الغربيات يجدن في إمكانية الزواج من أكثر من واحدة في الإسلام حلا لها فتدخله طمعا في زواج سعيد ولو من رجل متزوج فإن سعدت بقيت على الدين وإلا فلا

على أيّة حال فإن الذين يعبدون الله على حرف يخسرون الدنيا والآخرة فاجعل آيمانك عن ثبات ويقين

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[16 - 08 - 2005, 10:42 م]ـ

شكرا للأخ العزيز جمال على هذه الإشارة:

أود أن أشير إلى بعض النقاط التي تضمنتها أجواء هذه الآية الشريفة:

في المقطع القرآني (عَلَى حَرْفٍ) لفتة جمالية, فالقرآن لم يأت بها جزافا.

من معاني (الحرف):

حرف الجبل: مانتأ في جنب الجبل منه, كذلك يعني أعلى الجبل.

حرف الشيء: ناحيته.

وقال ابن سيدة: فلان على حرف من أمره أي ناحية منه, إذا رأى شيئا لا يعجبه عدل عنه.

وقد فسر الزجاج الحرف بالشك في قول الله تعالى, وحقيقته أنه يعبد الله على حرف أي على طريقة في الذين لا يدخل فيه دخول متمكن, كما جاء في اللسان.

وسواء أكان المقصود بالحرف الشك أو تلك الحافة من الجبل, فالمعنى واحد, وهو عدم الاستقرار, بسبب ضعف الإيمان في أنفس أولئك.

من يكون على حافة الجبل لا يكون مستقرا في وضعه, إذ قد يسقط بسبب أدنى حركة, وكذلك من يعيش حالة الشك وفي هذا التعبير القرآني صورة جمالية رائعة.

هؤلاء الناس ارتباطهم بالله من ناحية واحدة, وهي عندما يكون وهي عندما يكونوا في رغد من العيش و وسهولة أسباب الحياة.

كذلك هناك إشارة قرآنية أود الوقوف عندها:

نلاحظ أن القرآن استخدم كلمة الخير للتعبير عن إقبال الدنيا أو سهولة أسباب العيش فيها, ولم يستخدم كلمة (الشر) للتعبير عن المعنى العكسي (أي إدبار الدنيا وصعوبة أسبابه العيش فيها) وفي ذلك موقف للتأمل.

لقد عبر القرآ عن الموقف المعاكس للخير بالفتنة (والتي هي وسيلة امتحان) , حيث أن هذا الموقف المعاكس ليس شرا في واقعه, بل وسيلة امتحانية لكشف واقع المرء الذي يواجه مثل تلك المصاعب الحياتية.

لقد عبر القرآن الكريم عن الامتحان بالفتنة في أكثر من مورد, منها:

" وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين " - الأنبياء 111

نقطة ثالثة أود أن أشير إليها, هل يمكن أن يكون المنافقون هم المقصودون ب (من الناس)؟

كما نعلم أن مدلول الآية لا يتفق مع هذا الرأي إذا كان ذلك المنافق لا يحمل ذرة من الإيمان , حيث أن تأملنا في المقطع القرآني (اطْمَأَنَّ بِهِ) لا يفيد ذلك, حيث أن هؤلاء الصنف من المنافقين الفاقدين للإيمان لا يعيشون حالة الاطمئنان في كل أحوالهم, أما إذا كان ذلك المنافق يحمل جزءا يسيرا من الإيمان فيمكن أن يكون من هؤلاء الناس الذين أشار إليهم القرآن الكريم. فالجواب أنه قد يكون (من الناس) يعني قسما من المنافقين وليس كل المنافقين.

ومجمل الآية تشير إلى أولئك الذين يكون الرصيد الإيماني لديهم في غاية الضعف, حيث يكون إيمانهم مرتكزا على مصالحهم الدنيوية.

سائلا الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد.

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[17 - 08 - 2005, 10:14 ص]ـ

شكر الله للأستاذين جمال وأبي طالب هذا البيان الجليل ..

حقّاً .. إن في التعبير بـ" الحرف " دقّة بالغة في تصوير الحالة النفسية لمن لم يتمكّن الإيمان من قلبه ..

وما أروع ما قاله سيد قطب في تصوير هذه الحالة: " إن الخيال ليكاد يجسّم هذا (الحرف) الذي يعبد الله عليه هذا البعض من الناس، وإنه ليكاد يتخيّل الاضطراب الحسّي في وقفتهم وهم يتأرجحون بين الثبات والانقلاب، وإن هذه الصورة لترسم حالة التزعزع بأوضح مما يؤدّيه وصف بالتزعزع، لأنها تنطبع في الحسّ وتتّصل منه بالنفس ".

ثم ماذا بعد هذا التصوير؟

إن المشهد الذي يصوّره لنا القرآن الكريم في الجانب المقابل، حركة عنيفة تؤدّي إلى الهلاك السريع والتحطّم البالغ:

" انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ ".

والانقلاب على الوجه ذهاب بالصورة إلى قمّة التأثير النفسي تنفيراً من هذه الحالة المشينة.

وإنا لنلمح التناسق العجيب بين هذين المشهدين (الحرف) و (الانقلاب)، فإن من يقف على طرف سرعان ما يهوى ساقطاً لا يلوى على شيء، وتلك نتيجة لازمة يدركها الخيال وإن لم يصرّح بها في التعبير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير