[خير القلائد في بلاغة الفرائد]
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 03:22 م]ـ
[خير القلائد في بلاغة الفرائد]
لقد كان القرآن الكريم ولا يزال محوراً لكثير من الدراسات المتنوعة , وعلى الرغم من كثرة هذه الدراسات , وتنوع اتجاهاتها إلا أنها مازالت قاصرة وستظل عن الإحاطة ببلاغة هذا الكلام , وأسراره.
ومن المجالات التي تحتاج إلى استفراغ الجهود , وبذل المعهود واللامعهود من البحث , والدراسة قضية الفرائد القرآنية.
أعني: الأشياء التي لم تذكر في القرآن إلا مرة واحدة.
فما هي الأسرار الكامنه خلف ذلك؟
إن ملاحظة العين للقريب , والشبيه , والنظير أمر سهل لايحتاج إلا إلى فكر قليل , ونظر بسيط , ووقت محدود , فالنفس دائماً تلحظ بسرعة وجه الشبه , وتلك فطرة فطر الله الناس عليها , ولذلك تعددت الدراسات في هذه المتشابهات , والمتناظرات , وقد أولت البلاغة العربية
لصور التشابه جل اهتمامها , بل إنك إذا نظرت إلى علم البيان , وهو ثلث علوم البلاغة
لوجدت أنه قائم على ملاحظة هذا التشابه , بداية من باب التشبيه , ثم الاستعارة , وهي في الأصل تشبيه , ثم الكناية وهي باب لا يخلوا في جوهره من مشباهة.
أقول هذا موجود بكثرة في البلاغة العربية , لكن الأعلى منه في نظري والأكثر دقةً ولطفاً أن
نحاول النظر إلى الأمور المتفردة , والتي لا مثيل لها في القرآن الكريم.
إن الوردة الحمراء وسط بستان من الورد الأبيض لابد أن تجذب الانتباه , والجمل الأورق وسط الجمال البهم ينال الحظ الأوفر من العناية والملاحظة , والمتفرد في كل شيء يستحوذ على اهتمام كل ناظر.
فمن الناس من يبعث يوم القيامة أمةً وحده.
ومن الأنبياء من يأتي يوم القيامة , ولم يؤمن به أحد.
ومن الشجر شجرة واحدة مثلها مثل المؤمن.
كل ذلك نجد فيه التفرد مسيطراً على القلوب , ومستولياً على الأفئدة.
والتفرد هنا يشمل:
1 – تفرد القصة.
2 – تفرد الصورة.
3 – تفرد الجملة.
4 – تفرد الكلمة.
وإليك بعض النماذج:
[تفرد قوم يونس]
إن إيمان قوم يونس جميعاً بعد كفر , لم يحدث لقوم قبلهم أو بعدهم , يقول أستاذنا محمود توفيق " أعزه الله ": [هي المثل الوحيد البارز للقوم الذين يتداركون أنفسهم قبل مباغتة العذاب لهم , فيثوبون إلى ربهم , وفي الوقت سعة. .
وهم وحدهم في تاريخ الدعوات الذين آمنوا جملة بعد تكذيب , فكشف عنهم العذاب الذي أوعدهم به رسولهم , قبل وقوعه بهم , كما هي سنة الله في المكذبين المصرين.]
والبحث عن الأسرار الكامنة خلف هذا الإيمان , ومحاولة ربط ذلك بقصتهم المبثوثة في القرآن الكريم , وربط كل ذلك بتسمية سورة قرآنية باسمهم مع أنهم ذكروا فيها في آية واحدة وهي قوله تعالى: (فَلَوْلا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ) (يونس:98)
أقول إن البحث عن هذا كله سيخلق لنا بلاغة ماتعة , لم نتعاهدها من قبل.
كذلك قصة البقرة حيث لم تذكر إلا مرة واحدة في سورة البقرة , وقصة هاروت وماروت , وفي سورة الكهف قصة الخضر عليه السلام مع سيدنا موسى.
وفي باب الشريعة نجد أحكام الديون لم تذكر إلا مرة واحدة.
وفي شأن الألفاظ نجد مثلاً كلمة (ضيزى) وكلمة (أبا ً) .... وغير ذلك كثير.
[ودراسة مثل هذا يكشف لنا- كما يقول أستاذنا - عن بعض معالم الروح المهيمن على السورة وبه يتبين الوجه البلاغي في عدم تصريف هذه المعاني والألفاظ في سور أخرى ..... وأن هناك علاقة بين هذه المعاني والألفاظ ومقصود السورة.]
ذاك بحث أطرحه للمشمرين عسى الله تعالى أن يقيض له من يوفيه حقه , والدال على الخير كفاعله
والله من وراء القصد
دكتور / سعيد جمعة
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[24 - 09 - 2005, 05:30 م]ـ
هل الدكتور سعيد جمعة بيننا أم أن الأخ المليجي ينقل عنه؟
ـ[أبو سارة]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 02:37 ص]ـ
أهلا أبا أنس
جزيت خيرا على هذا الموضوع الماتع، ولدي سؤال أرجو أن تتفضل بالإجابة عليه: هل يفهم من كلامك أن الأشياء المكررة في القرآن ليس فيها أسرار أو تعتبر أقل أهمية؟
ولك مني خالص التحايا
ـ[أبو أنس المليجي]ــــــــ[25 - 09 - 2005, 09:05 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
جزاكم الله خيرا , وبداية أحب أن أنوه بأن سعيد جمعة هو أبو أنس المليجي.
وأما استفسار الأخ الكريم عن الآيات المتشابهة , فالأصل أن القرآن الكريم كله معجز لا يشك في هذا أحد من أهل الدين الصحيح , وأن الإعجاز في المتشابهات لا يقل عن الإعجاز في الانفرادات , لكن الذي يحتاج الآن إلى دراسة وتمحيص هو الانفرادات , بعد أن أخذت المتشابهات اهتماماً لا بأس به في السابق.
ولعل السر في ذلك قرب المتشابهات من العين والسمع والعقل ,فهي حبات عقد متشابهة , ولقد صال العلماء وجالوا في هذه الحبات والتي تبقى بعد هذا هي فريدة العقد , ذاك ما أقصده والله يوفق الجميع
¥