تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[الزيادة في بنية الكلمة]

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[01 - 08 - 2005, 08:41 م]ـ

الزيادة في بنية الكلمة


واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل الى وزن آخر أعلى منه فلا بد أن يتضمن من

المعنى أكثر مما تضمنه أولا لأن الألفاظ أدلة على المعاني فإذا زيدت في الإلفاظ وجب زيادة المعاني ضرورة

ومنه قوله تعالى " فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر " فهو أبلغ من قادر لدلالته على أنه قادر متمكن

القدرة لا يرد شيء عن اقتضاء قدرته ويسمى هذا قوة اللفظ لقوة المعنى

وكقوله تعالى " واصطبر " فإنه أبلغ من الأمر بالصبر من أصبر

وقوله " لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت " لأنه لما كانت السيئة ثقيلة وفيها تكلف زيد في لفظ فعلها

وقوله تعالى " وهم يصطرخون فيها " فإنه أبلغ من يتصارخون

وقوله تعالى " فكبكبوا فيها " ولم يقل وكبوا قال الزمخشري والكبكبة تكرير الكب جعل التكرير في اللفظ دليلا على التكرير في المعنى كأنه إذا ألقى في جهنم ينكب كبة مرة بعد أخرى حتى يستقر في قعرها اللهم أجرنا منها خير مستجار

وقريب من هذا قول الخليل في قول العرب صر الجندب وصرصر البازي كأنهم توهموا في صوت الجندب استطالة فقالوا صر صريرا فمدوا وتوهموا في صوت البازي تقطيعا فقالوا صرصر

ومنه الزيادة بالتشديد ايضا فإن ستارا وغفارا أبلغ من ساتر وغافر ولهذا قال تعالى" فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا " ومن هذا رجح بعضهم معنى الرحمن على معنى الرحيم لما فيه من زيادة البناء وهو الألف والنون

ويقرب منه التضعيف ويقال التكثير وهو أن يؤتى بالصيغة دالة على وقوع الفعل مرة بعد مرة وشرطه

أن يكون في الأفعال المتعدية قبل التضعيف وإنما جعله متعديا تضعيفه ولهذا رد على الزمخشري في

قوله تعالى " وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا " حيث جعل " نزلنا "هنا للتضعيف

وقد جاء التضعيف دالا على الكثرة في اللازم قليلا نحو موت المال

وجاء حيث لا يمكن فيه التكثير كقوله تعالى " لولا أنزل عليه آية من ربه " " لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "

فإن قلت " فأمتعه قليلا " مشكل على هذه القاعدة لأنه إذا كان فعل للتكثير فكيف جاء قليلا نعتا لمصدر متع وهذا وصف كثير بقليل وإنه ممنوع

قلت وصفت بالقلة من حيث صيرورته إلى نفاد ونقص وفناء

واعلم أن زيادة المعنى في هذا القسم مقيد بنقل صيغة الرباعي غير موضوعة لمعنى فإنه لا يراد به ما أريد من نقل الثلاثي إلى مثل تلك الصيغة فقوله تعالى " وكلم الله موسى تكليما " لا يدل على كثرة صدور الكلام منه لأنه غير منقول عن ثلاث

وكذا قوله" ورتل القرآن ترتيلا " يدل على كثرة القراءة على هيئة التأني والتدبر

وكذا قوله تعالى " وما علمناه الشعر " ليس النفي للمبالغة بل

نفي أصل الفعل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
ـــ
من كتاب " البرهان في علوم القرآن " للزركشي

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير