تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[18 - 09 - 2005, 07:54 م]ـ

قوله تعالى على لسان إبليس (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) 39 الحجر

وقوله على لسان إبليس أيضا (فَبِما أَغْوَيْتَني لأَقْعُدَنَّ لهُمْ صِراطَك المُسْتَقِيمَ) 16 الأعراف

نسب فيهما إبليس فعل الغواية لله تعالى---فما هي الغواية؟

جاء في لسان العرب (الغَيُّ: الضَّلالُ والخَيْبَة)

فهل من الممكن أن يزعم إبليس بأنّ الله الذي أضلّه؟؟

أم أنّه يزعم أنّ الله سبب له الخيبة والخسران؟؟

الذي يظهر أنّ أبليس يزعم أن الله سبب له الخيبة والخسران وذلك بطلبه من الملائكة وهو معهم أن يسجدوا لآدم--هذا الطلب أدّى بإبليس إلى الإستكبار والعصيان فالخسران والغيبة

أمّا الغواية التي نسبها لنفسه في قوله (وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) فهي بالفعل الإضلال وتزيين الكفر والفساد

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[21 - 09 - 2005, 01:33 ص]ـ

الأخ الحبيب جمال ..

شكر الله لك هذه اللفتة البيانية الماتعة ..

واسمح لي - أخي الكريم - بإضافة بعض النقاط الخاصّة باختلاف التعبيرين في آيتي السورتين الكريمتين.

قال تعالى: " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ * ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ " (الأعراف: 16 - 17)

وقال تعالى: " قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " (الحجر: 39 - 40)

فمع أن المعنى الحاصل من قوله تعالى في السورتين واحد لا إشكال فيه، اختلف التعبير عن ذلك بحسب ما تقدّم في كل واحدة منهما وما استدعاه من المناسبة، وفيما يلي بيان لذلك:

الأول: يلفت انتباهنا أولاً اختلاف المحكيات. ففي الآيتين السابقتين قال: " بِمَآ أَغْوَيْتَنِي "، وفي موضع آخر قال: " فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ " (ص: 82 - 83). فنلاحظ أنه متى حملت الباء على القسم في آيتي الأعراف والحجر بشهادة آية ص، لم يكن هناك اختلاف في المعنى، لأن المراد في قوله: بإغوائك إياي يحتمل وجوهاً من المعنى.

أحدهما: أن يكون المراد: بتخييبك إياي لأجتهدنّ في تخييبهم، وهذا ظاهر الكلام لأن القسم متلقى باللام، ولأن قوله (فبعزّتك) في مقابلتهما من الآية الأخرى وتخييب الله إياه هو بعزّته.

ومنه قول الشاعر: ومن يغو لا يعدم على الغيّ لائماً، أي: من يخب لم ينل خيراً.

ويشهد لذلك صدر البيت، وهو: فمن يلق خيراً يحمد الناس أمره.

وثانيهما: أن يكون المراد بإهلاكك إياي بأن لعنتني وهذا الفعل أيضاً عزّة من الله جلّ جلاله، وكذلك إن حمل على معنى الحكم بغوايته، فهو عزّة من الله تعالى.

وإذا كان كذلك تساوت في المعنى وكل قسم، والإغواء الذي هو التخييب أو الإهلاك أو الحكم بالغواية كل ذلك عزّة من الله تعالى، فالقسم به كالقسم بعزّته سبحانه.

الثاني: جاء في الأعراف: (فبما أغويتني)، وفي الحجر: (بما أغويتني). فحذف الفاء في الحجر وأثبتها في الأعراف. وذلك لأن الدعاء في المصدر يستأنف بعده الكلام، والقصّة غير مقتضاة لما قبلها كما اقتضاها قوله تعالى: " رَبِّ فَأَنظِرْنِي " (الحجر: 36). والفاء توجب اتصال ما بعدها بما قبلها، والنداء أولاً يوجب القطع واستئناف الكلام سيما في قصّة لا يقتضيها ما قبلها، فلم تحسن الفاء مع قوله: " رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي ".

أما في الأعراف فلم يدخل الكلام فيه نداء يوجب استئناف ما بعده، فلذلك وصل القسم فيه بالأول بدخول الفاء.

الثالث: جاء في الأعراف: (لأقعدنّ لهم صراطك المستقيم)، وفي الحجر: (لأزيّننّ لهم في الأرض). وذلك لأنه تقدّم في الأعراف قوله تعالى: " اتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ " (الأعراف: 3)، والإشارة فيه إلى القرآن لأنه يوضّح الطريق إليه وهو الصراط المستقيم. قال تعالى: " وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ " (الأنعام: 153). والإشارة بهذا إلى المنزل قرآناً لأنه مبيّن للصراط المستقيم الذي طمع اللعين في الاستيلاء عليه وقطع سالكه، فقيل عبارة عن مرامه ذلك: " لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ " إلى آخر المحكي من كلامه، ومراده: لأستولينّ لهم عليه.

أما في الحجر فتقدّم قوله تعالى: " وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِن كُلِّ شَيْطَانٍ رَّجِيمٍ * إِلاَّ مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُّبِينٌ " (الحجر: 16 - 18)، وفيه منع اللعين ومنع جنوده عن تعرّف خبر السماء واستراق السمع، فلمّا صُدّ من هذه الجهة عدل إلى الأخرى، فقال: " لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ "، أي: إن كنت ممنوعاً عن إغوائهم من حيث خبر السماء وإبداء المقدرات مما يوججه الله تعالى إلى ملائكته مما يحدث في علم الأرض وقد سبق في العلم القديم، فإن كنت قد منعتني عن إغوائهم من هذه الجهة رجعت إلى إغوائهم من جهة لم تمنعني عنها لأزيّن لهم في الأرض ولأغوينّهم أجمعين إلا من عصمته مني ولم تجعل لي السبيل إليه وهم عبادك المخلصين.

اللهم فاجعلنا منهم ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير