تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[12 - 08 - 2005, 02:49 م]ـ

) 2 (

وجوه الإعجاز [] الزركشي


وقد اختلف فيه على أقوال
أحدهما
وهو قول النظام إن الله صرف العرب عن معارضته وسلب عقولهم وكان
مقدورا لهم لكن عاقهم أمر خارجي فصار كسائر المعجزات
وهو قول فاسد بدليل قوله تعالى) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (فإنه يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم ولو سئلوا القدرة لم يبق فائدة لاجتماعهم لمنزلته منزلة اجتماع الموتى وليس عجز الموتى بكبير يحتفل بذكره هذا مع أن الإجماع منعقد على إضافة الإعجاز إلى القرآن فكيف يكون معجزا غيره وليس فيه صفة إعجاز بل المعجز هو الله تعالى حيث سلبهم قدرتهم عن الإتيان بمثله
وأيضا يلزم من القول بالصرفة فساد آخر وهو زوال الإعجاز بزوال زمان التحدي وخلو القرآن من الإعجاز وفي ذلك خرق لإجماع الأمة فإنهم أجمعوا على بقاء معجزة الرسول العظمى ولا معجزة له باقية سوى القرآن وخلوه من الإعجاز يبطل كونه معجزة
قال القاضي أبو بكر) (ومما يبطل القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا وإنما يكون المنع معجزا) فلا يتضمن الكلام فضلا على غيره في نفسه)
(وليس هذا بأعجب مما ذهب إليه فريق منهم أن الكل قادرون على الإتيان بمثله وإنما تأخروا عنه لعدم العلم بوجه ترتيب لو تعلموه لوصلوا إليه ولا بأعجب من قول
فريق منهم إنه لا فرق بين كلام البشر وكلام الله في هذا الباب وإنما يصح من كل واحد منهما الإعجاز على حد واحد)
(وزعم قوم أن ابن المقفع عارض القرآن وإنما وضع حكما)
الثاني

أن وجه الإعجاز راجع إلى التأليف الخاص به لا مطلق التأليف وهو بأن اعتدلت مفرداته تركيبا وزنة وعلت مركباته معنى بأن يوقع كل فن في مرتبته العليا في اللفظ والمعنى
واختاره ابن الزملكاني في البرهان

الثالث
ما فيه من الإخبار عن الغيوب المستقبلة ولم يكن ذلك من شأن العرب كقوله تعالى) قل للمخلفين من الأعراب (4 وقوله في أهل بدر) سيهزم الجمع ويولون الدبر (
1 وقوله) لقد صدق الله رسوله الرؤيا (2 وكقوله) وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض (3 وقوله) الم غلبت الروم (4 وغير ذلك مما أخبر به بأنه سيقع فوقع
ورد هذا القول بأنه يستلزم أن الآيات التي لا خبر فيها بذلك لا إعجاز فيها وهو باطل فقد جعل الله كل سورة معجزة بنفسها
الرابع

ما تضمن من إخباره عن قصص الأولين وسائر المتقدمين حكاية من شاهدها وحضرها وقال) تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا (5 الآية
وهو مردود بما سبق نعم هذا والذي قبله من أنواع الإعجاز إلا أنه منحصر فيه

الخامس
إخباره عن الضمائر من غير أن يظهر ذلك منهم بقول أو فعل كقوله) إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا (6 وقوله) وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله (7 وقوله) وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون (8 الآية وكإخباره عن اليهود أنهم لا يتمنون الموت أبدا
السادس

وصححه ابن عطية وقال إنه الذي عليه الجمهور والحذاق وهو الصحيح في نفسه وأن التحدي إنما وقع بنظمه وصحة معانيه وتوالي فصاحة ألفاظه ووجه إعجازه أن الله أحاط بكل شيء علما وأحاط بالكلام كله علما فإذا ترتبت اللفظة من القرآن علم بإحاطته أي لفظة تصلح أن تلي الأولى ويتبين المعنى بعد المعنى ثم كذلك من أول القرآن إلى آخره والبشر معهم الجهل والنسيان والذهول ومعلوم بالضرورة أن أحدا من البشر لا يحيط بذلك (3) وبهذا جاء نظم القرآن في الغاية القصوى من الفصاحة وبهذا النطق (4) يبطل قول من قال إن العرب كان في قدرتها الإتيان (5) بمثله فلما جاءهم النبي:= صرفوا عن ذلك وعجزوا عنه
والصحيح أن الإتيان بمثل القرآن لم يكن قط في قدرة أحد من المخلوقين ولهذا ترى البليغ ينقح الخطبة أو القصيدة حولا ثم ينظر فيها فيغير فيها وهلم جرا وكتاب الله 6) سبحانه لو نزعت منه لفظة ثم أدبر لسان العرب على لفظه (أحسن منها لم توجد

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير