تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قال (ملا) في تعريف الصفات الفعلية: "وهي التي يتوقف ظهورها على وجود الخلق"، ثم قال: "اعلم أن الحد بين صفات الذات وصفات الفعل مختلف فيه.

فعند المعتزلة: ما جرى في النفي والإثبات فهو من صفات الفعل، كما يقال خَلَقَ لفلان ولداً، ولم يخلق لفلان، ورزق زيداً مالاً ولم يرزق عمراً.

وما لا يجري فيه النفي فهو من صفات الذات، كالعلم والقدرة، فلا يقال: لم يعلم كذا، ولم يقدر على كذا. والإرادة والكلام من صفات الفعل عند المعتزلة بخلاف غيرهم من أهل السنة والأشاعرة قلت: على تفصيل معروف عند كل طائفة.

وأما عند الأشعرية فالفرق بينهما أن ما يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الذات، فإنك لو نفيت الحياة يلزم الموت، ولو نفيت القدرة يلزم العجز، وكذا العلم مع الجهل وما لا يلزم من نفيه نقيضه فهو من صفات الفعل. ولو نفيت الإحياء أو الإماتة أو الخلق أو الرزق لم يلزم من نفيه نقيضه، كما لا يخفى. فعلى هذا الحد لو نفيت الإرادة لزم منه الجبر والاضطرار، ولو نفيت عنه الكلام لزم منه الخرس والسكوت فثبت أنهما من صفات الذات، لا كما تقول المعتزلة كما تقدم، ثم قال القاري: وعندنا – يعني (الماتريدية) - أن كل ما وصف به ولا يجوز أن يوصف بضده فهو من صفات الذات، كالقدرة والعلم والعزة والعظمة، وكل ما يجوز أن يوصف به وبضده فهو من صفات الفعل كالرأفة والرحمة والسخط والغضب" اهـ.

هذه اصطلاحات وقد لا يختلفون في جوهر المسألة ...

مناقشة أقوال الثلاثة

عند إمعان النظر في الأقوال الثلاثة في تحديد صفة الفعل وبيان الفرق بينهما وبين صفة الذات، وعند إمعان النظر في تلك الأقوال نجد أن الخلاف لفظي تقريباً، لأن المعتزلة الذين قد يثبتون الأسماء أو أحكامها أحياناً، أو يلزمهم ذلك- يمثلون للصفات الفعلية بالخلق والرزق مثلاً، وكذلك فعلت الأشاعرة أيضاً كما يتفق الفريقان على أن القدرة والعلم والعزة مثلاً من صفات الذات.

وكذلك الماتريدية تتفق مع الفريقين في أمثلة الصفات الذاتية، هذا بالجملة، وأما عند التفصيل فنجد اتفاقاً أحياناً واختلافاً وتداخلاً أحياناً، لأنه أقوال ترجع في غالبها إلى الاصطلاح والاصطلاحات قد تتفق وقد تختلف، كما هو معروف، ولا يمس ذلك جوهر المسألة كما أسلفنا.

فالقول الإجماع لهذه الأقوال - في فهمنا- أن صفات الأفعال أو الصفات الاختيارية تختلف عن الصفات الذاتية الثبوتية التي تتعلق بها مشيئة الله تعالى لا بأعيانها ولا بأنواعها، كالقدرة والإرادة والعلم والسمع، والبصر والحكمة والعزة والوجه واليد وغيرها، بل هي صفات تتعلق بها مشيئة الله، وتتجدد حسب المشيئة، كالمجيء والاستواء والغضب والفرح والضحك.

أما صفة الكلام فهي من صفات الذات باعتبار أصل الصفة، ومن صفات الأفعال باعتبار أنواع الكلام وأفراده، والله أعلم.

هذا ما يدل عليه كلام أهل العلم من أتباع السلف عند التحقيق، وبالله التوفيق.

الفصل الأول: الصفات الشرعية العقلية والصفات الخبرية

تتنوع صفات الرب تعالى من حيث ثبوتها إلى نوعين:

النوع الأول:

الصفات الشرعية العقلية، وهي التي يشترك في إثباتها الدليل الشرعي السمعي والدليل العقلي، والفطرة السليمة وهي أكثر صفات الرب تعالى، بل أغلب الصفات الثبوتية يشترك فيها الدليلان السمعي والعقلي، وقد تقدم الحديث عنها في غير موضع.

النوع الثاني:

الصفات الخبرية وتسمى النقلية والسمعية، وهي التي لا سبيل إلى إثباتها إلا بطريق السمع، والخبر عن الله، أو عن رسوله الأمين عليه الصلاة والتسليم، أي لا سبيل للعقل على انفراده إلى إثباتها، لولا الأخبار المنقولة عن الله، وعن رسوله عليه الصلاة والسلام، وهي خبرية محضة بيد أن العقل السليم لا يعارض فيها الخبر الصحيح كما هو معروف، وأمثلتها كالآتي:

1 - الوجه، 2 - اليد، 3 - العين، 4 - الغضب، 5 - الرضا، 6 - الفرح، 7 - القَدَم. 8 - الاستواء، 9 - النزول، 10 - المجيء، 11 - الضحك.

وهي تنقسم إلى قسمين:

أ- صفات فعلية تجدد حسب مشيئة الله وهي:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير