تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ففي هذه المقدمة بيان توفيق الله تعالى لمن أراد به خيرا؛حيث سأل عن دينه، وعلم أنّ مفتاح ذلك بيد العلماء الربانيين دون غيرهم، ممتثلا قول الله جل وعلا: {َاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]،وقد وصف الشيخ هذا السائل بالإخلاص لدينه، وقومه،وبلاده؛ إذ لم يدفعه لذلك دنيا، ولا غير ذلك،فأسأل الله أن يكثر من أمثال هذا الصنف.

وقد أثنى الشيخ على هؤلاء القوم؛ولا يزال الخير فيهم-ولله الحمد- إلى يومنا هذا؛ففيهم طلاب العلم، وفيهم العُباد، وفيهم المحسنون وغير ذلك من أصناف الخير، وهذا من حكمة الشيخ؛ إذ ذِكْر محاسن القوم وفضائلهم أدعى لقبول النصيحة؛ لما جُبلوا عليه من صالح الخصال.

كما أنّ في هذه المقدمة تنبيه للمسلم بأن العز والرفعة بالدين والتمسك به، وليس الرفعة في الدنيا والتنافس فيها، أو الإكثار من السؤال عنها، فأسأل الله العلي العظيم أن يبصر الناس بطريق سلفهم الصالح في نصر الدين والدعوة إليه.

والكتابة إلى العلماء طريقة سلفية، وسبيل أثرية، فقد كان العلماء يكتب بعضهم لبعض، وكذلك كتب عامة الناس لعلمائهم واستفتوهم فيما ينفعهم، وأقرب الأمثلة لذلك رسالتي (العقيدة الواسطية) و (الفتوى الحموية الكبرى) كلاهما لشيخ الإسلام ابن تيمية-رحمه الله-أجاب بها لمن سأله من بلدتي واسط بالعراق،وحماة بسورية عن أمور تتعلق بالعقيدة السلفية وبيان ما يخالفها من العقائد الباطلة. فأسأل الله أن يحيي هذه الطريقة السلفية أهلُ حضرموت خاصة، والمسلمون عامة،اللهم آمين.

وبعد هذه المقدمة المباركة ساق الشيخ البيحاني -رحمه الله-أدلة كثيرة من الكتاب والسنة على أهمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوبه، وفضل القائمين به؛ وبدأ بمنكر الشرك بالله تعالى، فأيّ منكر أعظم من أن تجعل لله ندا وهو خلقك؟!،فبدأ الشيخ نصيحته بالتحذير منه،والدعوة إلى التوحيد الخالص كما قال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزمر: 3]،ووعظهم بترك المنكرات المنتشرة بينهم من القتل، والربا، وقطع السبيل، والمكوس، وظلم النساء في الميراث ونحوه وغير ذلك من المخالفات الشرعية،وبين حكم الشرع فيها بالأدلة من الكتاب والسنة.

ويقول في ص11:"واعلموا أنّ المعاصي دليل الخسر وطليعة الكفر، ومن تجرأ على ربه في المعصية أفضى ذلك إلى الشرك بالله، واتخذ مع الله إلها آخر، وطلب النفع والضر من المخلوق؛ الذي لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا ولا موتا ولا حياة ولا نشورا. ومن كانت له حاجة فلا يسألها إلا من الله ومن نزلت به مصيبة فلا يدفعها إلا بحول الله وقوته".

ويقول –رحمه الله- في ص12:"وفعل الطاعة وترك المعصية من أفضل القربات، وأعظم الوسائل إلى الله في بلوغ المقصود وإدراك المراد منه تعالى. والسيد،والشيخ، والقبر، والتابوت، والقبة،والذبح لغير الله لا ينفع شيئا،ولا يفيد شيئا،والإنسان الذي يدع ربه وينذر للشيخ عبد القادر الجيلاني ([3] ( http://www.soufia-h.net/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn3))، أو للشيخ أبو بكر ([4] ( http://www.soufia-h.net/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn4)) بن سالم ([5] ( http://www.soufia-h.net/newthread.php?do=newthread&f=5#_ftn5)) بعقيرة، أو ذبيحة،أو كيلة من البُن إذا قتل فلان بن فلان، أو نهب ماله لا يستجاب دعاءه،ولا يقبل نذره،وعمله مردود عليه، إنما يتقبل الله من المتقين، ومن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا".

ففي هذا الكلام بيان واضح للمقصود من الوسيلة الذي يتقرب بها العبد إلى ربه، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَابْتَغُواْ إِلَيهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُواْ فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 35]،وقال تعالى: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} [الإسراء: 57]،وهذه الوسيلة قد ضلّ في معرفتها المتصوفة وأضلوا كثيرا، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ففسروها بفعل الشرك والبدع، من تبرك لا يجوز،ونذر وذبح لغير الله، وطواف بغير بيت الله، والسؤال بالميت وبجاهه ونحو ذلك، وهذا التفسير الخاطىء يخالف الحق الذي جاء

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير