تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قوله رحمه الله: [باب الحيض]: الحيض في اللغة: السيلان. يقال: حاضَ الوادي: إذا سالَ ماؤُه، وحاضت السّمرةُ:- وهي نوع من الشجر-؛ إذا سال منها الصُمْغُ، والمرأة حائضٌ، وحائضةٌ، ونُوزع في الثاني؛ لأن الذي لا يشترك فيه الذكر، والأنثى لا يُؤنّث بالتاء، فيقال: امرأةٌ حائضٌ، كما يقال: امرأةٌ طالقٌ؛ لأن الرجل لا يُطلَّق، وكذلك لا يحيض، ولا يقال: امرأة طالقة، أو حاملة.

واختلفت تعاريف العلماء للحيض اصطلاحاً، منها قولهم: [دمٌ يُرخِيه رحمُ المرأةِ عادةً لغيرِ مرضٍ وولادةٍ].

(يُرْخِيهِ): أي يسيل منه، وقولهم: (رحم المرأة) الرَّحم بفتح الراء، وكسر الحاء، وبكسر الراء مع سكون الحاء، هو مكان منبت الولد، ووعاؤه.

وقوله (رحم المرأة) قيد يخرج الدماء الخارجة من المواضع الأخرى من جسد المرأة.

وقولهم (لغير مرض) قيد أيضاً يخرج الدماء الخارجة من فرج المرأة بسبب المرض كدم الإستحاضة.

وقولهم (وولادة) أي لغير ولادة، وهو قيد أيضاً يخرج دم النفاس، فلا يسمى حيضاَ؛ لأنه دم ولادة.

أما بالنسبة للحيض فذكره المصنف-رحمه الله- في هذا الموضع لتعلقه بمباحث الطهارة.

وأما بالنسبة لمناسبة ذكره بعد إزالة النجاسة: فدم الحيض دم نجس بالإجماع، وهو نوع من أنواع النجاسات، ومن باب الفائدة: فإنه لو أمكن لطالب العلم أن يقرأ كلام الأطباء في هذا الدم الذي يرخيه الرحم، وينظر إلى بديع صنع الله-عز وجل- وعظيم حكمته، وكمال علمه-سبحانه وتعالى-، فلو قرأت كلام الأطباء ونظرت إلى الحِكَم التي توجد في هذا الدم في كيفية خروجه، وكيف يتهيأ ذلك الرحم لإخراجه، وإفرازه، ثمّ كيف ينقبض بإذن الله-عز وجل- بعد الخروج، وكيف يتهيأ الحمل في الرحم، ثم كيف يتم إفرازه للهرمونات التي تعين على الحمل، حتى إذا شعر المبيض أنه ليست هناك ولادة إِمتنع من إفراز هرمون الحمل، فأخذت الأوعية تتقلّص، ثم أخذت تُفرز ذلك الدمَ، ثم يرسل الله-عز وجل- له كالخميرة تفكِّك هذا التَّجلُّطَ، سبحان الله! هذا كلُّه من الدلائل على عظمة الله-جل جلاله-.

الحيض له أسماء ومنها: النفاس، والإكبار، والإعصار، والطمث، والضحك، والفراك، والدِّراس، والطمس، والعراك فهذه أسماء عشرة مع إسمه الأصلي.

قال المصنف رحمه الله: [لا حيض قبل تسع سنين]: أي لا حيض للمرأة إذا كان عمرها دون تسع سنين، وهذه مسألة أقل سن تحيض فيه المرأة، ويستفاد منه أننا لا نحكم بكون الدم حيضاً إلا إذا بلغت هذا السن، فإذا جرى معها الدم، وهي أصغر منه؛ فليس بحيض، وإنما هو إستحاضة، وأما إذا بلغت السن المعتبر للحيض، وهو تسع سنين، ثم جرى معها الدم حكمنا بكونه حيضاً، وبكون المرأة بالغة، لأن الحيض من علامات البلوغ الخاصة بالنساء.

وإعتبار سن التسع هو أحد أقوال العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، وقد تكلمنا عليها في شرح البلوغ، وهو الراجح في نظري، والعلم عند الله، وذلك لدلالة الشرع، والعادة، أما دليل الشرع: فما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه عقَدَ على عائشة رضي الله عنها، وهي بنت ستّ سنين، ودخل عليها وهي بنت تسع سنين؛ فدلّ على أن الجارية في هذا السن تتأهل للبلوغ، والحيض، وأكد هذا دليل الأثر عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها حيث نصّت على أن التسع سنين تتهيأ فيها الجارية للبلوغ، وأما دليل العادة، فإنه ثبت بالعادة، والتجربة أن هذه السن هي أقل ما وجد كما صرح بذلك الإمام الشافعي رحمه الله حيث قال: " أعْجَلُ من رأيتُ في الحيضِ نساءَ تهامةَ رأيتُ جَدَّةً، وهي إِبنةُ إِحْدَى، وعِشْرينَ سَنةً " وهذا يدلّ على أن أقل ما وجد من سن تحيض فيه المرأة هو سن التسع؛ فصارت حدّاً معتبراً لأقل الحيض.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير