تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إذا تقرر أن بداية الحيض بالتسع: يرد السؤال عن نهاية الحيض، والسبب الذي جعل العلماء يذكرون مسألة بداية الحيض، ونهايته: دلالة الكتاب، فإن الله- U- قال: {وَاللاَّئِي لَمْ يَحِضْن} (1) فأثبت أن الحيض لا يكون لكل صبية، وأن هناك من النساء من تحيض لأنها بلغت سن الحيض، ومنهن من لا تحيض لأنها لم تبلغ ذلك السن، فعلمنا أن للحيض بداية، وأنه لا يكون من كلّ صبية، ولما قال: {وَاللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ} علمنا أيضاً أن هناك نهاية للحيض؛ ولذلك اعتنى العلماء رحمهم الله ببيان بداية الحيض، ونهايته، وقد بينا متى تكون البداية، أما النهاية فإنها تُسمّى عندهم بسنّ اليَأْسِ، وهي: السن التي إذا وصلت إليها المرأة يئست من جريان دم الحيض معها لكونه ينقطع في مثل تلك السن غالباً، وقد إختلف العلماء رحمهم الله في آخر سنٍّ ينقطع فيه دم الحيض، فقال بعضهم: هو خمسون عاماً على ما ذكر المصنف رحمه الله.

وقال بعض أهل العلم: ستون، وقال بعضهم وهو القول الثالث وهو الأقوى والعلم عند الله: إن هذا يختلف باختلاف البيئات، والنساء، وطبيعة الأرض التي فيها المرأة، فالبلاد الحارّة تختلف عن البلاد الباردة في طبائع النساء؛ ولذلك لا يحد فيه سن معين ويرجع في تحديده إلى غالب حال النساء في كل موضع بحسبه.

إذا تقرر أن آخر الحيض، أو نهاية سن الحيض هي الخمسون بناء على ما ذكر المصنف فإنه ينبني عليه أنها لو بلغت الخمسين، ودخلت في إحدى وخمسين ورُئِيَ معها الدّمُ؛ أنّه استحاضة، فلا يُعطى حكمَ دم الحيض، ينبني عليه أيضاً أن تقول لها: إعتدِّي بالأشهر، ولا تعتدِّي بالحيض؛ لأن الدم الذي معها أُلغي، فهذه فائدة معرفة آخر زمن للحيض، أنك إذا أثبت أنه يتأقّت فببلوغ المرأة لهذا الأمد المؤقت يُحكم بكونها آيسةً منه فتعتدُّ بالأشهر، ولا يمنع دمُها ما يمنعه دمُ الحيض.

قوله رحمه الله: [ولا مَعَ حَمْلٍ]: لأن الله جعل عدة الحوامل وضع الحمل، فإذا ولدت خرجت من عدتها كما نصّ على ذلك في قوله سبحانه: {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنّ} فلو كانت الحامل تحيض لجعل عدتها بالأقراء إعمالاً للأصل؛ ولذلك قال الإمام أحمد-رحمة الله عليه-: " إنما تَعرفُ النساءُ الحملَ بانقطاعِ الدّمِ ". أي: أن الحمل من طبيعته، ومن شأنه أنه يُعرفُ بانقطاع دم الحيض، فدلّ على أنه لا يجتمع الحيض، والحمل، وهذا هو مذهب الحنفية، وهو رواية عن الإمام أحمد هي المذهب رحمة الله على الجميع.

وقال طائفة من العلماء: إنه يجتمع الحيض، والحمل، وهو مذهب بعض أهل العلم منهم المالكية، وعندهم تفصيل في ضوابط الحيض في الحمل، وهو رواية ثانية عن الإمام أحمد رحم الله الجميع.

فائدة الخلاف: أنه لو حملت المرأة، وجرى معها دم، فإن قلنا: إن الحامل تحيض، وجاء في أمد الحيض حكم بكونه دم حيض، ومُنعت من الصلاة، والصيام، وإن قلنا: إن الحامل لا تحيض؛ ففي هذه الحالة يُحكم بكونه دم فساد، وعلّة، وهي طاهرة.

قال رحمه الله: [وأَقلّهُ]: أي: أقلّ الحيض [يومٌ، وليْلَةٌ] أي: أن أقل الحيض أن يستمر جريان الدم يوماً، وليلة، ويُستفاد منه أنه إذا جرى أقلّ من ذلك فليس بحيض، وإنما هو إستحاضة، وهذا هو أحد أقوال العلماء رحمهم الله في هذه المسألة، وهو مذهب الشافعية، والحنابلة رحمة الله على الجميع.

وهذه المسألة للعلماء فيها ثلاثة أقوال:

القول الأول: لا حدّ لأقلِّ الحيض كما هو مذهب المالكية، والظاهرية، واختيار شيخ الإسلام إِبن تيمية-رحمة الله على الجميع-.

القول الثاني: أقلّه يوم، وليلة، وهو كما تقدم مذهب الشافعية، والحنابلة -رحمة الله على الجميع-.

القول الثالث: أن أقلّه ثلاثة أيام، وهو مذهب الحنفية رحمهم الله.

فائدة هذا الخلاف: أنك إذا قلت: لا حدّ لأقلّ الحيض فإنك تقول: إذا رأت المرأة دم الحيض في زمان الحيض، وإمْكَانه، وجرى معها، ولو ساعةً من نهار؛ فإنها تحكم بكونها حائضاً.

وإن قلت أقلّه يوم، وليلة؛ فإنك تقول: إن جرى الدم مع المرأة ننظر إن إستمر يوماً كاملاً أربعاً، وعشرين ساعة؛ فهو دم حيض، وإن إستمر أقل من ذلك فهو دم استحاضة، لا يمنع صوماً، ولا صلاةً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير