تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لابد في إباحة جماع المرأة بعد الحيض من أن تَطْهر، وتغتسل، فإذا طَهرتْ، ولم تغتسل لا تُجامَع، وإنما يتريث حتى يتحقق الشرط الذي أمر الله-عز وجل- به.

قال رحمه الله: [لم يُبَح غيرُ الصِّيام، والطَّلاقِ] معناه: أنه يجوز لها فعل الصيام قبل أن تغتسل، فلو طهرت قبل أذان الفجر ولم تغتسل، ونوت الصيام ثم أذَّنَ، واغتسلت بعده صحّ صومُها، وأما الطلاق فإنه محرم، فلا يجوز طلاق الحائض؛ ولذلك غضب- r- على عبدالله بن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته، وهي حائض، وقال عليه الصلاة والسلام لأبيه عمر رضي الله عنه مبيّناً له طلاق السنة: [مُرهُ فليراجِعْها، ثمّ ليُمْسِكْها حتى تَطْهُر، ثمَّ تَحيض، ثم تطهر، ثم إن شاءَ طلّق، وإن شاءَ أمسكَ، فتلكَ العدةُ التي أمرَ اللهُ أن تطلّق لها النساءُ]، فدلّ على تحريم طلاق المرأة الحائض، وأجمع على ذلك العلماء رحمهم الله وسمّوه طلاقاً بدعياً أي: أنه مخالف للشرع، فكلهم متفقون على أن الحيض يمنع الطلاق، وينتهي هذا المنع بطهر المرأة، ولا يُشترط إغتسالها كالجماع، بل يجوز أن يطلقها بعد الطهر مباشرة للحديث السابق حيث بين أن المنع من الطلاق حال الحيض ينتهي عند الطهر، ولم يشترط الإغتسال بعده، وقوله رحمه الله: [لم يُبَح غير الصيام، والطلاق] معناه أن بقية الموانع لا بد فيها من الطُّهرين: الطهر الأول بانقطاع الدم، ورؤية علامة الطهر، والطّهر الثاني: بالغسل، فلا يباح لها أن تصلي، ولا أن تدخل المسجد، ولا أن تمسّ المصحفَ، ولا أن تقرأ القرآن، ولا غيرها من بقية الموانع إلا بعد حصول هذين الأمرين.

قال رحمه الله: [والمبتدأةُ تَجلسُ أقلَّه، ثمّ تَغتسلُ، وتصلّي] شرع المصنف-رحمه الله- بهذه العبارة في ذكر أحوال النساء، فالمرأة الحائض لا تخلو من ثلاثة أحوال:

الحالة الأولى: أن تكون مُبْتَدأَةً، بمعنى أنها لأول مرة يأتيها دم الحيض.

والحالة الثانية: أن تكون مُعْتَادةً، بمعنى أن دم الحيض عاودها حتى ثبتت لها فيه عادة معينة.

والحالة الثالثة: أن تكون متحيِّرةً، بمعنى أنه لا يمكنها أن تعرف عادتها لأجل النسيان، سواء نسيت قدر العادة، أو مكانها من الشهر؛ هذه ثلاثة أحوال للمرأة.

ومن عادة أهل العلم أنهم يبدأون بالنوع الأول، وهذا فيه مراعاة لأحوال النساء. يقولون: توصف بكونها مبتدأة إذا كان الحيض قد جاءها لأول مرة، هذا أول شرط للحكم بكونها مُبْتدأَةً.

والشرط الثاني: أن يكون سنُّها سنَّ المرأة التي تحيض، وهو التسع على أصحّ الأقوال كما قدمنا، فإذا كان سنها دون التسع؛ فإنه لا يُحكم بكون الدم الذي يجري منها دم حيض.

فالمرأة التي جاءها دم الحيض لأول مرة لا تستطيع أن تقول أردها إلى عادتها؛ لأنه ليس لها عادة، فإذاً لابد من أن يكون لها حكم خاص، والسؤال: ما هو هذا الحكم الخاص بها؟

والجواب: أن هذه مسألة خلافية فمن أهل العلم من قال: المبتدأة حائض إذا جاءها الدم في زمان إمكان الحيض (أي بعد بلوغها تسع سنين) فنحكم بكونها حائضاً، وليس عندنا حدٌ لأقل الدم، فإذا جرى معها الدم إمتنعت عما تمتنع عنه الحائض، فإن انقطع دون الخمسة عشر يوماً فهو حيض فتغتسل عند إنقطاعه فإن عاودها بنفس العدد ثلاثة أشهر متتابعة ثبتت عادتها، وهذا القول مبني على القول بعدم تحديد أقل الحيض.

وقال بعض العلماء: كلُّ إِمرأة مُبتدأة أردّها إلى عادة أمهاتها، وأخواتها.

وقال بعض العلماء: كل امرأة مُبتدأة أردها إلى عادة لِدَاتها، أو أتْرابها كما يُعبر العلماء، واللِّدةُ، والتِّرْب هي: التي تكون في سن المرأة.

وقال بعض العلماء: المبتدأة تجلس أقل الحيض، وتحكم بكونها حائضا ذلك القدر الذي هو أقل الحيض، ثم تغتسل، وتصوم، وتصلي حتى يعاودها الدم ثلاث مرات على وتيرة واحدة؛ فنحكم بإنتقالها إلى كونها معتادة.

إذاً عندنا أربعة أقوال:

الأول: يُحكم بكونها حائضاً، ولا حدَّ عنده لأقل الدم، وتنتقل لكونها معتادة بإنقطاعه دون الخمسة عشر يوماً بعدد يتكرر ثلاثة أشهر متتابعة.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير